من التصفية الجسديّة.. إلى “الإبادة الثقافية”

الثورة – هفاف ميهوب:

لا بدّ لكلّ من يبحث في التاريخ الإنساني، من أن يكتشف، كيف “يعمد مجتمع ما قاصداً، لإضعافِ وتدميرِ القيم والممارسات الثقافية، العائدة لمجموعاتٍ لا تنتمي إليه”..
هذا ما اكتشفه الأميركي “لورنس دافيدسون”. الباحث الذي اختصر بمقولته هذه، كل ما أراد أن يقوله في كتابه “الإبادة الثقافية”.. الكتاب الذي أشار فيه، إلى أن فظاعة ما ارتكبته المجتمعات المتحضّرة من مذابح وتصفيات جسدية، لا يختلف عن فظاعة ما ارتكبه البرابرة، وهو أمرٌ تقصّد وهو يرى كتب التاريخ لا تخلو من الحديث عنه، أن يبحث في الإبادات الأكثر خطورة، وهي الإبادة الثقافية..
نعم، إنها الإبادة التي وجدها أكثر خطورة، ولأن من يقوم بها أمم مهيمنة ومتفوقة عسكرياً واقتصادياً، ضد أمم أقلّ تفوّقاً، تنتهي إلى الاندثار، وإلى فقدانها للغتها وثقافتها وقيمها وتراثها، بل وإرثها وهويّتها..
يقدم “دافيدسون” أمثلة، منها الإبادات التي تمّت في العصور القديمة، وما قام به الغزاة المستوطنون من إبادات بحقّ الهنود من السكان الأصليين.. أيضاّ، ما قامت به السياسات الإسرائيلية في عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم، تجاه الشعب الفلسطيني الذي ترافقت إباداتها الجسدية له، مع إباداتها الثقافية، فطالت بيوته ومساجده ومدارسه وجامعاته وتراثه وآثاره، إضافة إلى عمليات الترحيل القسري، وسوى ذلك من المجازر وصور الرعب والتخريب والتدمير والتهجير التي جعلت كلمة ترحيل لديه:
“إن كلمة ترحيل، أصبحت هي المصطلح المهذّب للإبادة الثقافية، والتطهير العرقي”..
إنها الإبادات التي استمرّت بحقّ المختَلِف حتى العصور الحديثة، ولكن القوى والسياسات المسيطرة التي باتت الضغوطات الخارجية تمنعها من التصفيات الجسدية، اختارت البديل الأفضل لها، وهو الإبادات الثقافية..
يسأل الكاتب هنا: لماذا تذعن المجتمعات للإبادة الثقافية؟!! ليجيب بعدها: “كلّما ابتعدنا عن بيئتنا المحليّة، ازداد اعتمادنا على معلوماتٍ محدودة، ومن مصادر لا نعرف عنها إلا القليل، ولأن مساحة جهلنا واسعة جداً، فيما يخصّ العالم البعيد، نعوض ذلك بإخضاع ما لا نعرفه إلى ما نعرفه، ضمن سياقنا الثقافي المحدّد سلفاً”…
يختم “دافيدسون” كتابه، بالإشارة إلى الدور الذي لعبته النزعات المحلية والبيئات الإعلامية المغلقة، والمعتقدات الجماعية، في تقديم الدعم الرسمي والشعبي للإبادات الجماعية..
الأهم، دور الولايات المتحدة وضغوطها الهائلة للحيلولة دون الإشارة إلى الإبادة الثقافية في ميثاق جنيف..

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة