ما من شك بأن الأزمة الأوكرانية تتربع على قمة أزمات العالم بالنظر لخطورتها على المستوى الدولي وتأثيرها في رسم الخرائط الجيوسياسية والاستراتيجية في قادم الأيام، وقد يكون أخطر ما فيها هو إمكانية تحولها إلى حرب عالمية تستخدم فيها أعتى الأسلحة ولا سيما النووية، اللافت في هذه القضية أن ثمة أميركيين يحذرون بلادهم من التمادي في دعم النظام الأوكراني واستفزاز روسيا إلى الحدود القصوى وما يمكن أن يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.
ضابط الاستخبارات الأميركية السابق جيمس ريكاردز رأى أن بلاده قد تقدم على خطوة غبية يمكن أن تشعل حرباً نووية، واعتبر أن بلاده تنفق المليارات في هذه الحرب من أجل هزيمة روسيا، لكن روسيا لن تتراجع أو تقبل بالهزيمة.
أما وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس فاعتبرا أن الوقت الذي تراهن عليه أميركا لهزيمة روسيا ليس في صالح أوكرانيا في إشارة مبطنة إلى الهزيمة المحتومة لأوكرانيا، وهي تأكيد على أن المليارات التي تدفعها واشنطن دعماً لكييف تذهب سدى وبلا أي نتيجة..!
من الواضح أن هناك تململاً داخل أميركا من السياسة التي انتهجتها إدارة بايدن تجاه الأزمة الأوكرانية، وهو يعكس تخوفاً من التداعيات الخطيرة لهذه الحرب على مستقبل العالم، ولو افترضنا جدلاً بأن واشنطن قد تستفيد من استنزاف روسيا في أوكرانيا حالياً من أجل تأخير ولادة النظام الدولي المتعدد الأقطاب، فما الذي يمكن أن تحققه في حال أنهت موسكو الحرب لصالحها وفرضت شروطها، وهو ما يدور في أذهان سياسيين أميركيين سابقين وربما في داخل إدارة بايدن نفسها..؟!
في الواقع بدأ بايدن بتلمس آثار فشل سياسته في الداخل الأميركي، وإذا ما انتهت الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا في وقت قريب – وهذا متوقع – ستدفع إدارة بايدن أثماناً باهظة لم تكن في الحسبان لأن الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب يترصدونها بلا هوادة للاستفادة من أي تعثر أو فشل.