الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، تستمر في المتاجرة بمحنة الشعب السوري، وذلك عبر تسييس كل جوانب العمل الإنساني، لتحقيق أهداف سياسية عجزت تلك الدول عن تحقيقها عبر العدوان المباشر، ودعم الإرهاب واحتلال أجزاء من الأرض.
قبل يومين اعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً يقضي بتمديد ما يسمى (آلية إدخال مساعدات إنسانية) إلى سورية ستة أشهر، من دون الإشارة إلى الآثار السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب على العمل الإنساني في سورية، حيث تصر الدول الغربية في كل جلسة جديدة للمجلس مخصصة لهذا الغرض على تركيز اهتمامها على تمديد هذه الآلية ضمن شروط مفصلة على مقاس الأجندة الأميركية لمواصلة استهداف الدولة السورية، من دون الاكتراث لمعاناة السوريين ومآسيهم من جراء الحرب الإرهابية المتواصلة بأشكال وعناوين مختلفة.
منذ بداية الحرب الإرهابية، تتعاطى الدول الغربية مع الشأن الإنساني في سورية بطريقة مبتذلة ومستهجنة، إذ تتناول هذا الجانب بشكل مجتزأ بمعزل عن خلفيات هذه المسألة، سواء لناحية دعم الإرهاب الذي تمارسه تلك الدول، أو لجهة مواصلتها فرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري، علماً أن الطريقة الصحيحة لمساعدة الشعب السوري – بحال وجود نية صادقة لدى واشنطن وأتباعها الغربيين- هي معالجة الأسباب الأساسية لتردي الوضع المعيشي، وفي مقدمتها مواصلة دعم الإرهاب، وسرقة ثروات السوريين، والعقوبات الظالمة، بالإضافة إلى استمرار وجود الاحتلالين الأميركي والتركي.
سورية لم تزل تبذل المزيد من الجهود للارتقاء بالوضع الإنساني، ولكن لجوء الغرب الدائم لتسييس العمل الإنساني، يضع الكثير من العقبات أمام تحقيق تقدم ملموس في هذا الاتجاه، حيث قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية تزداد طرداً مع شدة الإفلاس السياسي الذي تواجهه تلك الدول، والأدهى أن تلك الدول لم تزل تدعي بأن الهدف من وراء عقوباتها الظالمة هو مصلحة المواطن السوري!؟، فهل تلك العقوبات والحصار الجائر، وقطع الغذاء والدواء عن السوريين وحرمانهم أبسط حقوقهم المعيشية تخدم تلك المصلحة؟، أليس المتضرر الأول والأخير من تلك العقوبات مهما كان شكلها ونوعها هو المواطن الذي يجهد لتأمين لقمة العيش في ظل هذا الحصار الظالم؟، كما أن “قيصر” العدواني ألا يمثل جريمة إبادة جماعية باعتباره يزيد من معاناة الشعب السوري، وهو خرق لكل القوانين الإنسانية والأخلاقية؟.
واضح من خلال التعاطي الغربي مع الشأن الإنساني، أن هدف الولايات المتحدة والدول الأوروبية ليس مصلحة المواطن السوري، وإنما تشديد الحصار لتجويع الشعب السوري بهدف ترهيبه وابتزازه بلقمة عيشه، لدفعه إلى التخلي عن ثوابته الوطنية، وثنيه عن الالتفاف حول قيادته السياسية، وجيشه الباسل، ومحاولة دفعه أيضاً للهجرة لإفراغ الدولة السورية من كفاءاتها العلمية، لاستبعاد هذه الكفاءات من عملية إعادة الإعمار في مراحل لاحقة.