إنها الظروف القاسية ومتغيرات الحرب الإرهابية التي خلفت خسائر مادية كبيرة في مختلف القطاعات، وانتقلت تلك الخسائر إلى كثير من مفاصل العمل وأسفرت عن فساد وترهل يعجز التفكير عن إيجاد حل له، لذلك فإننا نجده يتشعب ويصبح مظهراً عاماً علينا أن نتقبله وأن نتعايش معه.
ويواجه الحديث عن خلل ما في قطاع خدمي ما ردود فعل متباينة بين المعنيين عن القطاع، فتجد مرة من يستنفر ويستجيب لشكوى مواطن أو لمقال صحفي، ويسرع لحل المشكلة بالتوازي مع إهمال مئات المقالات والشكاوى الأخرى والأكثر حساسية وأثراً، وهذا لايعني التعميم، فهنالك بعض من يقدر حجم المشكلة الخدمية الطارئة ويميزها في سرعة الإنجاز والحل، وللأسف هؤلاء لايتجاوز عددهم أصابع اليد.
وعلى سبيل المثال ماوصلت إليه اليوم حالة الكهرباء ليس بعيداً بل وسط العاصمة دمشق، فما يحصل من فوضى وعشوائية في التعاطي مع هذا الملف وصل حد اللامعقول متجاوزاً كل الأسباب من قلة التوريدات والحصار، فالكل يعلم أن جزءاً كبيراً من معاناة الوضع الكهربائي السيئ تعود إلى ما ذكرته، لكن أسلوب التعاطي والإدارة الفنية لهذه التوريدات أو المخصصات التي تم اعتمادها من أجل الوصول إلى حالة عدالة نسبية في توزيع التقنين، نقول بكل حزن: هي غير ناجحة وتشوبها الكثير من التساؤلات حول توقيت التقنين، فلا تقنين معين للمناطق الشعبية ضمن العاصمة دمشق وضمن هذه المناطق نجد حارات تأخذ حصتها وحصة الحارات الأخرى في نفس الحي من التقنين، وكأن من وضع نظام التقنين أراد أن لايحدد ساعة معينة لمجيئ الكهرباء في كل خط وبذلك (تضيع الطاسة).
وأما أن تعرف موظفاً على أحد القواطع أو قيماً على برنامج تقنين، فأنت محظوظ في كمية الوصل التي تصلك من دون أن يسأل هذا الموظف لماذا تأتي الكهرباء ضمن حي شعبي بساعات تقنين متكررة ضمن حارة ما، وتحجب نصف يوم وأكثر عن حارة مجاورة في فصل هو الأبرد، ولم تصل فيه رسائل المازوت المنتطرة بفارغ الصبر ؟.
وحقيقة لايوجد وقت أكثر من الآن وفي أقسى أيام البرد لتحقيق عدالة التقنين الكهربائي بين مختلف المناطق، وخاصة ضمن المناطق ذات الكثافة السكانية التي ينتظر سكانها اللحظة باللحظة لأنهم لايعلمون متى تأتيهم الكهرباء، فالأمر يخضع لمزاجية المسؤول عن وصل وفصل القاطع، وهذا ما يؤكد ضرورة أن يكون برنامج التقنين الكهربائي ومايتبع له من قواطع وفصل تحت عين الرقابة وبيد من يقدر على تحمل المسؤولية، ووفق برنامج واضح وساعات معينة يعلن عنها عند أي تغيير، وياحبذا لو أن هذه القواطع تعمل بالأتمتة الإلكترونية الكلية بعيداً عن عبث الإنسان، وليتنا نجد نظام الـ”جي بي إس” مرافقاً لقواطع التقنين الكهرباء.