جاء في تصريح رئيس الحكومة أمام مجلس الشعب مؤخراً” أن حجم المبالغ المالية المكتشفة والمطلوب استردادها ١٠٠ مليار ليرة، استرد منها ٢٠ مليار ليرة نتيجة متابعة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش”.
مع بداية كل عام تُصرح الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية عن حجم المبالغ المسروقة من المال العام الذي يتم استرداد جزء منه ويبقى الجزء الأكبر جاري البحث عنه في مؤسساتنا الحكومية من جراء الفساد المالي والصفقات المشبوهة والمناقصات التي تحمل الكثير من التساؤلات، وما خفي أعظم.
لا ننكر دور الأجهزة الرقابية في البحث عن مواضع الخلل والفساد ومحاولاتها وضع اليد عليها، إلا أن المطلوب منها التحرك لوضع خطة إنقاذية تحد من الفساد في ظل استباحة المال العام.
فعلى مدى السنوات الماضية نسمع ونقرأ عن حالات فساد كبرى في العديد من المؤسسات الحكومية إلا أننا بحاجة إلى إظهار قصص تمت معالجتها وكيف تم القضاء على هذا السرطان الذي بات يهدد اقتصادنا الوطني.
وبالعودة إلى سنوات قليلة جداً وبالتحديد في العام ٢٠١٩ حينما تم إطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، كنا نعتقد أن الفساد بات “قاب قوسين أو أدنى “، وأن المحاسبة قادمة ولن تتهاون مع أي شخص يسرق مالنا العام، لكن تلك الاستراتيجية مرت كما الكثير من الاستراتيجيات والدراسات والقرارات التي تصدر وليدة اللحظة،ومن ثم تصبح حبيسة الأدراج وتنتهي فاعليتها.
لماذا لم ينجح بشكل كامل في محاربة الفساد والفاسدين، برغم أن الأمر ليس بحاجة إلى خطط واستراتيجيات وبرامج، وإنما كل ما نحتاجه إجراءات قاسية ومباشرة للبدء بالمحاسبة الحقيقية بعيداً عن المصالح الشخصية والمحسوبيات.
فالحديث عن الفساد والأموال المسروقة لا يكفي ويبقى مجرد مقاربة لا تلامس أي حل في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن.
مكافحة الفساد تحتاج إلى رؤية شاملة تنطلق من معالجة البنى الإدارية المتكلسة والعقلية البيروقراطية، فالمسألة ليست في تغيير الأشخاص بقدر ما هي بتغيير العقليات والأهم من كل ذلك وجود نية وإرادة حقيقية لإغلاق قنواته الكثيرة.
لدينا القوانين والتشريعات الكافية لذلك لكنها بحاجة إلى التطبيق وفق تعليمات تنفيذية واضحة لا تحمل ثغرات يمكن الاستفادة منها والتحايل على القانون.