طوال سنوات الحرب الماضية، لم تتوقف الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في دعم الإرهاب، عن ممارسة سياسة الكذب والتضليل، فهذه الإستراتيجية ما زالت قائمة حتى اليوم رغم انكشافها وتعريتها، والبيان المشترك لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بجنيف، عقب لقائهم المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية، يشكل مثالاً صارخاً على سياسة الكذب والنفاق الغربي لإعطاء العالم صورة مغايرة عما تمارسه تلك الدول من أجل محاربة الحل السياسي، وإطالة أمد الأزمة، ومواصلة انتهاكاتها لحقوق الإنسان في سورية.
كيف لتلك الدول الادعاء بأنها مع الحل السياسي، وهي لم تزل تمد الإرهابيين بكل وسائل الدعم العسكرية واللوجستية، وتجهض كل مبادرات الحل السياسي، ومن يصدق أن أميركا التي تعزز قواعدها العسكرية الاحتلالية في منطقة الجزيرة، وتعمل على إحياء (داعش)، وتقوي شوكة ميليشياتها الانفصالية “قسد”، وتتمادى في سرقة ثروات السوريين، أنها بوارد العمل لإيجاد حل سياسي، أليس الأولى منها أن تسحب قواتها المحتلة قبل إطلاق أكاذيبها؟
الدول الأوروبية بدورها لا تنفك تدعي حرصها على الشعب السوري، وهي لم تزل تقطع عنه الغذاء والدواء امتثالاً لـ(قيصر) الأميركي، وتهدد بالمزيد، وماذا عن السعي الغربي المتواصل لتسخير المنظمات الدولية لخدمة أجنداتها العدوانية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس حقوق الإنسان نموذجاً؟ أليس ذلك من أجل إطالة عمر الحرب الإرهابية على الشعب السوري؟ ويؤكد في الوقت ذاته أن إدارة الإرهاب الأميركية بقيادة بايدن ليست بوارد تغيير نهجها العدواني، وأن الاتحاد الأوروبي لن يغير سلوكه العدائي، ولا يفكر بالخروج من تحت عباءة التبعية الأميركية.
ما يدحض أكاذيب الدول الغربية، هو أن البيان المشترك لم يتطرق إلى قرار مجلس الأمن 2253 الخاص بمكافحة الإرهاب، وهذا مرده إلى أن هذا القرار، يتعارض مع سياسة تلك الدول المبنية على دعم الإرهاب، وفي مقدمتها الدول الأعضاء في مجلس الأمن (أميركا وبريطانيا وفرنسا)، حتى إن تلك الدول ما زالت تتحاشى ذكره لأنه يدينها في المقام الأول، لعدم تقيدها بمضامينه التي تفرض التزامات واضحة وقويّة على حكومات الدول الراعيّة للإرهاب في سورية، وفي مقدمتها التوقف عن دعمه وتمويله، وتجريم المعاملات المالية المتصلة به، بما في ذلك جميع المعاملات مع الإرهابيين من أفراد وجماعات، إلا أنّ ما يجري على الأرض هو العكس تماماً، حيث لم يكفّ هذا الغرب يوماً عن تقديم المال والسلاح والعتاد للتنظيمات الإرهابية، في تناقض واضح مع جوهر القرار المذكور.
كذلك فإن تجاهل البيان المشترك للقرار 2672 الذي ينص على دعم مشاريع التعافي المبكر، يشير بشكل واضح إلى أن الدول الغربية، مستمرة في عرقلة جهود الدولة السورية لتحسين الوضع الإنساني، إذ إن تلك الدول ما زالت تلحق الضرر والأذى بالشعب السوري من خلال عقوباتها وحصارها الجائر، ولكنها في المقابل عجزت عن إخضاع الدولة السورية للمشيئة الأميركية، وهي ستبقى عاجزة، لأن نفاقها لم يعد ينطلي على أحد، فحتى الإعلام الغربي نفسه بات يعري كل مزاعمها الإنسانية، ويفند أكاذيبها بناءً على دلائل حقيقية بعيدة عن التضليل والتزييف.

السابق
التالي