الثورة- ترجمة محمود اللحام:
ما يجعل التقرير الأخير لمؤسسة “راند” حول أوكرانيا مهماً للغاية ليس جودة التحليل، ولكن حقيقة أن مركز أبحاث الأمن القومي المرموق في البلاد اتخذ موقفاً مخالفاً لموقف الطبقة السياسية في واشنطن وحلفائها العالميين بشأن الحرب.
الحروب لا تنتهي لأن الجمهور يعارضها، إنها أسطورة، هي حقاً تنتهي الحروب عندما يظهر انقسام حرج بين النخب، مما يؤدي في النهاية إلى تغيير في السياسة.
التقرير الجديد لمؤسسة “راند”، الذي جاء بعنوان: السياسة الأمريكية ومسار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، تجنب الحديث عن حرب طويلة، وأشار إلى وجود انقسام بين النخب السياسية القوية التي انفصلت عن الرأي السائد لاعتقادها بأن السياسة الحالية تضر بالولايات المتحدة.
نعتقد أن هذا التحول في المنظور سوف يؤدي إلى الطلب بشكل أكثر حزماً للمفاوضات، وبعبارة أخرى، يُعد تقرير مؤسسة “راند” الخطوة الأولى نحو إنهاء الحرب.
تأمل لمدة دقيقة في هذا المقتطف من ديباجة التقرير: “تكاليف ومخاطر حرب طويلة في أوكرانيا كبيرة وتفوق الفوائد المحتملة لمثل هذا المسار بالنسبة للولايات المتحدة”.
هذا الاقتباس يلخص بشكل فعال الوثيقة بأكملها. فكر في الأمر: (على مدى الأشهر الـ 11 الماضية، قيل لنا مراراً وتكراراً أن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا طالما استغرق الأمر).
الاقتباس أعلاه يؤكد لنا أن هذا لن يحدث، لن تقوض الولايات المتحدة مصالحها الخاصة لتحقيق الحلم غير القابل للتحقيق المتمثل في طرد روسيا من أوكرانيا، حتى الصقور لم يعودوا يعتقدون أن ذلك ممكناً.
سيقيّم الأعضاء العقلانيون في مؤسسة السياسة الخارجية احتمالات نجاح أوكرانيا ويوازنونها مقابل الاحتمال المتزايد لخروج الصراع عن نطاق السيطرة.
بالطبع، لن يخدم هذا مصالح أي شخص ويمكن أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، مما سيتعين على صانعي السياسة الأمريكيين أيضاً أن يقرروا ما إذا كانت الأضرار الجانبية المتزايدة تستحق العناء.
بعبارة أخرى، هل تشكل خطوط الإمداد المعطلة، وارتفاع التضخم، وزيادة نقص الطاقة والغذاء، وتضاؤل مخزونات الأسلحة عائداً عادلاً لـ “إضعاف روسيا”؟ قد يقول الكثير، “لا”.)
من بعض النواحي، يعد تقرير “راند” أول تقرير في سلسلة طويلة من سقوط قطع الدومينو، مع تراكم خسائر أوكرانيا في ساحة المعركة، وأصبح من الواضح أكثر أن روسيا ستسيطر على جميع الأراضي الواقعة شرق نهر الدنيبر، وستصبح العيوب في إستراتيجية واشنطن واضحة، وستكون أكثر وضوحاً وستُنتقد بشدة.
سوف يتساءل الناس عن الحكمة من العقوبات الاقتصادية التي تضر بأقرب حلفائنا بينما تساعد روسيا، وسوف يسألون لماذا تتبع الولايات المتحدة سياسة أدت إلى تحرك قوي بعيدًا عن الدولار والدين الأمريكي. وسوف يتساءلون لماذا تعمدت الولايات المتحدة تخريب اتفاق سلام في آذار عندما يقترب احتمال فوز أوكرانيا من الصفر.
يبدو أن تقرير راند يتوقع كل هذه الأسئلة والتحول المزاجي الذي ستولده. هذا هو السبب في أن المؤلفين يضغطون من أجل التفاوض ووضع نهاية سريعة للصراع.
هذا مقتطف من مقال ظهر على RT: “أصدرت مؤسسة “راند”، وهي مؤسسة بحثية ذات نفوذ كبير في مجال الأمن القومي يمولها البنتاغون مباشرة، تقريرًا يدعي أن الحرب بالوكالة التي طال أمدها تلحق ضرراً فعالاً بالولايات المتحدة وحلفائها، وتحذر واشنطن من أنه يجب عليها تجنب صراع طويل الأمد في أوكرانيا”.
يبدأ التقرير بالتأكيد على أن القتال يمثل أهم نزاع بين الدول منذ عقود، وأن تطوره سيكون له عواقب وخيمة على واشنطن، بما في ذلك حقيقة أن المصالح الأمريكية تتضرر بشكل كبير.
يوضح التقرير أنه بينما قاد الأوكرانيون القتال، ودمرت مدنهم واقتصادهم دمر، فإن هذه المصالح ليست مرادفة لمصالح كييف.
إذا لم يذكر التقرير صراحة أن المصالح الأمريكية تتضرر، فإنه بالتأكيد يستدل على ذلك. ليس من المستغرب أن التقرير لا يذكر أي أضرار جانبية من حرب واشنطن على روسيا، لكن يجب أن يكون الكتّاب قد فكروا في ذلك أولاً.
بعد كل شيء، ليس 100 مليار دولار أو توريد الأسلحة الفتاكة هو الذي كلف الولايات المتحدة الكثير، بل إن الظهور المتسارع للتحالفات الدولية والمؤسسات البديلة هو الذي وضع الإمبراطورية الأمريكية على المسار السريع نحو الخراب.
نحن نفترض أن محللي مؤسسة “راند” يرون نفس الأشياء مثل أي كائن حساس آخر، وأن حريق واشنطن المشؤوم مع موسكو هو جسر بعيد جدًا، وأن رد الفعل سيكون هائلاً ومؤلماً. ومن هنا تأتي ضرورة إنهاء الحرب بسرعة.
المصدر: موندياليزاسيون
