على مقياس الإنسانية تهتز الضمائر ويتضامن الوجدان وتتوحد الأفئدة تجاه الخطوب والكوارث وتسقط كل الاعتبارات السياسية أمام هول مشاهد تعتصر القلوب وتدمي المقل، ويصطف الكل الإنساني على ضفة بلسمة جراح المنكوبين وتتشابك الأيادي بعمل إنساني نبيل يمد العون للإغاثة ويرفد بمستلزمات إنقاذ أنفاس تئن تحت الأنقاض ما زالت تنبض بالحياة وتتوسم طوق نجاة.
زلزال سورية وضع أميركا ودول الغرب على محك زيف شعاراتهم التي لطالما تاجروا بها على منصات الدجل ومحافل الرياء الأممي فما جرى من تعامل واشنطن ودول الغرب مع الكارثة الإنسانية التي أحدثها الزلزال، لم يكشف فقط الازدواجية المقيتة وفرز الإنسانية على مقاييس السياسة والاصطفافات والتبعية، بل عرى منظومة القيم الغربية وسقطت عن وجوه من يستثمرون بأكاذيب حقوق الإنسان كل أقنعة الرياء.
فتسويغ الحصار على السوريين حتى في الكوارث فضح نفاق مدعي الإنسانية الذين يرون آثار الزلزال المدمر وعدد الضحايا المتزايد والعالقين تحت الأنقاض والأبنية المنهارة ويعلمون ضعف الإمكانات وقلة معدات الإنقاذ التي طالتها يد الإرهاب على مر حرب شرسة دخلت عامها الثاني عشر على سورية البلد المنكوب بالسياسات والأطماع الغربية، ويصمتون هم والمنظمات الأممية المكبلة بقيود السطوة الأميركية، فمن دمر المدن والبلدات السورية بآلة حربه، وأوغل في سفك الدماء ومد للإرهاب مداً لن يكون منصفاً وإنسانياً.
الأكثر فجاجة ادعاءات واشنطن بأنه ليس في قيصر إرهابها ما يمنع وصول آليات ومعدات الإنقاذ !! حتى في الفواجع الإنسانية تكذب واشنطن وتمارس التضليل الإعلامي للتعتيم على جرائمها، رغم أن ذلك لم يعد ينطلي حتى على وسائلها الإعلامية وإن ابتلع الكثير منها لسان إدانته خوفاً وخشية وسارعت لحذف إقرارها بالجرم الأميركي وإن المأساة في سورية تتعمق بفعل العقوبات كما فعلت” نيويورك تايمز ” بينما كشف الحقيقة موقع “Responsible State Craft” الأميركي أن عقوبات بلاده السبب في ازدياد عدد الضحايا وتشكل “عقبة خطرة أمام تزويد السوريين بالإغاثة من الكوارث وإعادة البناء”، .
من رقص على عذابات السوريين وتبديد أمنهم وسلب مقومات حياتهم وشرب أنخاب وحشيته منتشياً بتداعيات إرهابه الاقتصادي عليهم بلقمة عيشهم ودفئهم ودوائهم، لن يهتز فيه ضمير ولن تثار له حمية إنسانية، أما بعض المجتمع الدولي الصاغر أمام الجبروت الأميركي فلا صحوة له إلا باهتزازات عنيفة تنسف الباطل وتقتلع جذور التمييز والازدواجية وتكرس حقوق الدول والإنسان.