متوالية الحصار الاقتصادي والعقوبات الغربية الجائرة على سورية، أعتقد أنها يجب أن تقف اليوم عاجزة أمام هول كارثة الزلزال التي ألمت ببلدنا وتسببت بعدد غير مسبوق من الضحايا والمصابين والأضرار المادية من جراء كارثة طبيعية لايمكن التنبؤ متى تنتهي آثارها، لذلك أي حصار أو عقوبات مستمرة من الغرب هي أشبه بإعلان تدمير بلد بأكمله في كارثة تجاوزت حدود سورية وحدود الإنسانية بمعناها الكبير.
وأمام هذا التريث من بعض الدول بادرت إنسانية وضمير دول عديدة باسم الإخوة والإنسانية لفك الحصار الجائر وإرسال المساعدات إلى المتضررين والمدن والمناطق السورية المنكوبة من جراء الزلزال، وهذا ما انتهجته سورية على مدى سنوات طويلة في ردود فعلها لإغاثة المنكوب والملهوف أينما كان، وحتى في ظل الحرب والعقوبات الاقتصادية على بلدنا كانت سورية من أول المساهمين في إرسال المساعدات والتعاطف مع أي بلد أو شعب منكوب.
وهنا لابد من تذكر لحظات الزلزال الأولى، وما لحقها من تحركات باتجاه المدن المنكوبة من قبل السيد الرئيس بشار الأسد والحكومة والمجتمع الأهلي من دون انتظار لمساعدة خارجية، وحجم التبرعات والمبادرات كفيل بالإجابة.. لكن حجم الكارثة يحتاج لمزيد من المساعدة على المستوى المحلي والمستوى الدولي، لتستطيع سورية وشعبها التغلب على هذا المصاب الكبير الذي أصاب الجميع من دون استثناء بدرجات مختلفة، والأكبر فيها ما ألم بمن فقد عائلته ومنزله وممن مازال تحت الأنقاض.
هي كارثة طبيعية حلت ببلدنا بعد حرب طويلة وظالمة تسببت بأضرار كبيرة على مختلف مفاصل الحياة الاقتصادية والمعيشية، وكذلك الخبرات المحلية والفنية جميعها أصيبت بضربات شديدة جعلتها ربما أكثر مرونة لكنها محاصرة بفعل العقوبات وأقل مقدرة على مواجهة أي كارثة أو مصاب كان كبيراً أو صغيراً، ولابد من الإشارة إلى أهمية احتواء حجم الأضرار النفسية أيضاً.
ومن هذا كله ثمة من يرى أن تلك الكارثة يجب أن تكون رسالة وبداية في إنهاء الحرب والعقوبات والحصار الاقتصادي الجائر.. إذا كانت المنظمات الدولية والعالم بأكمله جادين فعلاً بما يتحدثون به عن الإنسانية والضمير الإنساني، وأما على الصعيد المحلي فالشعب السوري ومؤسسات الدولة بشقيها العام والخاص رغم كل صدمات الحرب والحصار، كانوا الأقدر على احتواء آثار الكارثة، وأما بعض النفوس الضعيفة ممن يحاولون الاستفادة من ظروف الحرب والكارثة فلا تمثل إلا نفسها، وأما الكل فهو تغلب على هؤلاء ويعمل على امتصاص صدمة الكارثة وإعادة الحياة إلى طبيعتها لتنهض سورية من جديد وتعلن الانتصار الإنساني قبل أي شيء.