المطالبات الدولية الواسعة لرفع الحصار الجائر عن سورية تتصدر عناوين المشهد الإنساني والسياسي، حيث باتت هذه المسألة أكثر إلحاحاً اليوم عقب كارثة الزلزال المدمر، والمسؤولية الأخلاقية تقع في هذا الجانب على الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين، ولكن استمرار الغرب الجماعي بتجاهل هذه المأساة الإنسانية يثبت مجدداً حقيقة انعدام الضمير الإنساني لدى حكامه وساسته، وعدم امتلاكهم أي إرادة حقيقية في الاستجابة للمناشدات السورية والدولية، وما تمليه المواثيق الأممية، والقانون الإنساني الدولي في هذا الصدد.
الولايات المتحدة، وبقرار تضليلي جديد، تحاول تجميل صورتها القبيحة التي تعرت تماما أمام العالم، فمن يصدق أنه يمكن لضميرها الإنساني أن يصحو فجأة، وهي تتمادى بعقوباتها الظالمة، وتواصل سرقة ونهب ثروات السوريين، هي ادعت فقط أنها جمدت بعض تدابيرها القسرية بشكل جزئي ومؤقت، لتداري عجزها أمام مشهد كسر بعض الدول الشقيقة والصديقة لحصارها الجائر رغماً عن إرادتها، حيث قوافل الإغاثة والطائرات المحملة بالمساعدات ما زالت تتقاطر لإغاثة المنكوبين، ولمساعدة الحكومة في مواجهة تداعيات الزلزال.
ساسة واشنطن تحكمهم عقلية إجرامية واحدة، وليس في واردهم التخلي عن سياساتهم الاستعمارية تجاه سورية، بدليل أن القرار الأميركي الجديد شدد على تمسك واشنطن بعقوباتها غير الشرعية، وكذلك يفعل الساسة الأوروبيون ملتحفين بغطاء التبعية العمياء لساسة البيت الأبيض، ومن هنا فإن الجهود الكبيرة التي تبذلها سورية لمواجهة تداعيات الزلزال المدمر، وأيضاً للارتقاء بالوضع الإنساني، ما زالت تصطدم بتحديات حقيقية وصعوبات جمة، ناجمة عن استمرار فرض العقوبات وتشديد الحصار.
من المقرر أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً هذا الأسبوع لمناقشة الوضع الإنساني في سورية، ونأمل أن تتوقف الدول الغربية عن تعاطيها الخاطئ مع هذه المسألة، وأن تكف عن تسييسه، وعدم النظر إليه بطريقة مجتزأة بمعزل عن خلفيات التدخل الإرهابي والسياسي والعسكري والاقتصادي الذي ما زالت تمارسه تلك الدول، حيث اعتدنا عند كل جلسة يعقدها المجلس لمناقشة هذا الشأن، أن ينبري مدعو الإنسانية في الغرب لتشويه الحقائق وتزويرها، ويتجاهلون ذكر السبب الأساسي في معاناة السوريين وهو الإجراءات القسرية الأحادية غير الشرعية، إلى جانب مواصلة تلك الدول دعم الإرهاب، فهل يهتز ضميرهم الإنساني هذه المرة أمام هول كارثة الزلزال، ومناشدات أصحاب الضمائر الحية، ويرفعون عقوباتهم الظالمة وحصارهم الخانق؟.
