الملحق الثقافي- حسين صقر:
فرق التطوع وقوافل الإغاثة و حملات التبرع المادية والعينية التي تقاطرت إلى المحافظات المتضررة نتيجة الزلزال الذي ضرب البلاد، ولاسيما المناطق الشمالية أثبتت بما لايدع مجالاً للشك أن السوريين على امتداد الوطن الجربح أكبر من الأزمات والمحن، ولايثنيهم أي شيء عن أن يكونوا يداً واحدة لرفع أثقال ذلك الزلزال، و الذي أتى على ممتلكاتهم و منازلهم التي كانت تشكل مصدر الأمن والأمان الوحيد، و الذي يقيهم حر الصيف وقر الشتاء ويستر عيوبهم ويؤالف بينهم على الحلوة والمرة.
السوريون على امتداد الجغرافيا هبوا وقفة رجل واحد يبحثون عن سبل ووسائل لمساعدة و إنقاذ أهلنا في تلك المناطق والتخفيف من ألم المصيبة، ولم يقتصر هذا الإحساس على أبناء الداخل، لأن جالياتنا في الخارج كان لديها نفس الشعور، حيث توجه هؤلاء نحو ممثلياتنا الدبلوماسية من سفارات وقنصليات لإرسال ما أمكن من مساعدات عن طريقها لتصل إلى مستحقيها وتغلق بعض الثغرات التي أحدثتها الهزة الأرضية المدمرة.
ماحصل أيضاً كشف معادن الأصدقاء والأشقاء في الدول العرببة والأجنبية و الذين كان لهم الباع الأكبر بمد يد العون للسوريين الذين كانوا سباقين لمؤازرة غيرهم في الكوارث والحروب والأزمات، كما أظهر ما حدث زيف الدول التي تدعي الإنسانية، والتي استمرت بفرض الحصار الجائر، ولم تفصل بين الجانبين السياسي والاجتماعي أو الإنساني، مؤكدة المضي بالطريق المظلمة والظالمة لتضييق الحصار على السوريين الذين واجهوا مخططاتهم بكل صلابة وقوة وإرادة لا تلين.
في هذا الظرف العصيب بتسابق وبتنافس الكل مع الكل، الفنان والشاعر والرسام والطبيب والمحامي والممثل والإعلامي والمهندس والمعلم والطفل والكهل والطالبة وربة المنزل لتقديم ما يستطيعون وضمن إمكاناتهم وكل من قبله فرادى ومجموعات لإيصال رسائلهم وإرسالياتهم للمنكوببن متمنين أن يمر هذا الظرف بسلام على الجميع.
السوريون على امتداد الوطن الجربح أكبر من المصائب والمحن وهم قادرون على إحياء أفراحهم وإتمام مراسم أتراحهم، وإذا طلبوا للحرب فهم لها، وللسلام كذلك، ولتحدي الصعاب يعطون الدروس والعبر، لأنهم يقطعون من الضعف ليس قوة واحدة، بل مجموعة قوى، لا ينتظرون شكراً أو مجاملة من بعضهم، لأن الواجب والإحساس بالآخر عنوان عريض يجمع القيم والمبادئ التي تربوا عليها.
العدد 1132 – 14-2-2023