اليوم تتوجه الأنظار إلى مابعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب عصب الحياة في المحافظات والمدن المنكوبة (الإنسان-الأرض- البناء- حتى المياه لم تسلم)، فالأضرار كبيرة سواء على صعيد الأرواح أو الممتلكات، والإحصائيات تزداد يوماً بعد يوم.
نعم انتهى الزلزال ولم تنته معه التداعيات، فثمة نازحون جدد عن منازلهم بعد الكشف عن أبينة متصدعة في المحافظات المنكوبة، وكذلك في محافظات أخرى وصلها الزلزال وبعضها أبنية لمؤسسات عامة، لذلك كل ما يطرأ من مستجدات يرتب كلفاً مادية عالية وباهظة، وهذا ما سمعناه على لسان المنظمة العالمية للأمم المتحدة التي اعترفت بخذلانها لسورية في الأيام الأولى لوقوع الكارثة، لتبدأ اليوم بالنداءات إلى العالم لجمع المبالغ اللازمة لتجاوز الكارثة.
وأما عن المساعدات من عدد من الدول العربية والصديقة التي قابلها السوريون بالشكر الكبير، فإنها مازالت تتدفق بشكل لحظي إلى بلدنا، وكذلك التبرعات المالية، وكل ذلك يستوجب إدارة صحيحة لهذه المساعدات ووضع خطط مستقبلية وآنية وطارئة، تستهدف الأولويات، وقبل كل شيء استقرار العائلات والأفراد الذين تسبب الزلزال بنزوحهم وتشتتهم عن منازلهم المدمرة، وتأمينهم بالسكن البديل المناسب.
وهذه الخطوة(تأمين السكن المستقر) وحدها كافية لأن تعوضهم مادياً ونفسياً بدل أن يبقى هؤلاء من ضحايا الزلزال الأحياء في أماكن نزوح تحتاج يومياً تكاليف كبيرة وباهظة لإطعامهم وتأمين مستلزماتهم، وربما لسنوات طويلة تحولهم إلى عبء ناهيك بما يمكن أن يحصل من عدم وصول المساعدات والتقصير تجاههم، بينما تأمين المسكن يوفر لهؤلاء عودة تدريجية وسريعة للحياة الطبيعية تجعلهم يعودون إلى أعمالهم وإلى مدارسهم وجامعاتهم، وتخفف الحمل عن أبنية لمؤسسات ودوائر عامة يحتاجها المواطنون والدولة لإنجاز الأعمال.
أعتقد أن إنقاذ ضحايا الزلزال الأحياء هو إنقاذ لعصب مهم في الاقتصاد والمجتمع السوري، لما يشكله هؤلاء من قوة بشرية عاملة في الزراعة والصناعة والتجارة، وكذلك على صعيد الفئة العمرية الشابة، فالمحافظات الثلاث المنكوبة: (حلب- اللاذقية – حماة) هي محافظات زراعية وصناعية مهمة في الإنتاج المحلي.
بالتأكيد العمل في المرحلة القادمة لن يكون سهلاً بل هو الأصعب من كل النواحي ويحتاج للتعاون من مختلف القطاعات على المستوى المحلي والعربي والدولي، وهذا ما أثبتته الأيام الأولى من الزلزال والمهم الاستمرار من دون كلل أو ملل حتى يتجاوز بلدنا، ومنكوبو الزلزال مامر عليهم من كارثة إنسانية، شكلت عبئاً جديداً وكبيراً على كاهل الحياة المعيشية والوضع الاقتصادي.