نشيد ثائر متأجج.. في مجموعة د. فلحوط الشعرية

الثورة- فاتن دعبول:
لايزال قلمه نديا يجود بكل ما حمله قلبه الثائر دوما نحو همه القومي، وفي كل مرة يحاول أن يفرط عناقيد النجوم ليجعل منها خلاخيل لأفراس الثوار ومجاهدي المقاومة على امتداد الساحة العربية من محيطها إلى خليجها.
واليوم يطل علينا بمجموعته الشعرية الجديدة التي تحمل رسائل معطرة إلى قانا والقنيطرة والقدس، رسائل تكتنز الحكمة والتجربة الغنية، وعلى الجانب الآخر هي صوت كل عربي يتوجه إلى فدائيين آمنوا حتى آخر حدود النبض بوحدة الأمة، ليؤكد من جديد أن في جماهير شعبنا من الطاقات الخلاقة والعزائم العملاقة، ما يجعل دوران الأرض رهنا بمشيئة الجماهير وإرادة المقاتلين في ساحات الفداء حتى تستعاد كل ذرة من التراب والحقوق في فلسطين والجولان وجنوب لبنان وأرض الرافدين.
هو حلمه في المشروع القومي الوحدوي النهضوي لمستقبل يليق بالأمة العربية الواحدة ورسالتها القومية والإنسانية الخالدة، يحمله الشاعر د. صابر فلحوط الذي لقب بشاعر الثورة طوال عقد الستينات من القرن الماضي، لفرط ما كتب وأنشد الشعر الوطني الذي ألهب حماسة الجماهير في الشارع القومي، وشد أعصابها صوب بوابة التفاؤل الخصيب والأمل الأخضر والمستقبل الملتحم مع المجد والكرامة والخلود.
ومن يتابع قصائد المجموعة الشعرية” رسائل إلى قانا، القنيطرة، القدس” يدرك حجم آلام الشاعر التي تكاد تتوهج كالجمر، لهول ما عانته هذه البلاد من الخطوب، ولاتزال تعاني، ففي كل يوم كارثة جديدة، وفي لحظة يسجل شهداء في سفر الخلود، ولايزال الدم المسفوح شلال ضوء يرمي عتمة اليأس الذي استوطن أعماق القلوب الفاجرة.
ونراه يثير روح المقاومة في نفوس العرب ليهبوا يدا واحدة في وجه الطغيان يقول:
كل هذا الوطن المشلوح، بين الماء والماء
سينهار بقايا من حطام، كل هاتيك القصور المشمخرات، التي شيدت على رمل السلام
سوف تغدو في صحارى الذل، قطعان خيام، فإذا لم نغضب اليوم، لتاريخ يضام؟
فمتى تستيقظ الثارات، من بين الضرام؟ أيها العرب الكرام؟!
وفي همسته إلى قانا التي شهدت أبشع أنواع المجازر البشرية، يتوجه إلى العرب يستنهض هممهم بقلب نازف ويقول:
قانا تصيح، وصوتها نهران من صلف وكبر
رشوا جفون الورد، رشوها على أضلاع قبري، أنا لم أمت إلا، لأبعث ثورة، في كل صدر
فلتنتشي هذي البطاح، الخضر، من شعري وخمري
وبقصيدة طويلة هي أشبه بالمعلقات يجود فيها الشاعر بالحديث عن صمود الجولان في وجه العدو تارة، وخذلان العرب لها تارة أخرى، وتنطلق كلماته كشلال هادر يريد ألا يتوقف حتى ينزف آخر حرف فيه، وكأن الحزن والألم أبى إلا أن يفرغ جعبته في هذه القصيدة المطولة التي تنساب كجرح دام لايريد أن يتوقف:
لك المجد، ما حمحمت خيلنا، وصالت سيوف، وثارت زحوف، وشق سقوف السما
طارق، يسائل عن نجمة، لم تزل، تعاني الشرود، وظلم الرفاق، لعينيك أورق، رمل الضفاف
وفاضت ضروع الدوالي عتابا، وأومأ كرم على منحنى، فهل ندى الأوف، والميجنا
أيا صامدا فوق جمر الجحيم، تقحم، تكفر، ذنوبا لنا، فقد طال نوم، دماء الحمى، فشق الجفون
وضخ السنا ووشوش الغضوب، بأن عرين الفدا، هنا يحشّد للنصر نار الزحوف.
ويتوجه في واحدة من رسائله إلى أطفال غزة الذين تسلحوا بالحجر ليكونوا في مقدمة المناضلين المدافعين عن أرضهم، وببراءة ظنوا أن الحجر يستطيع أن يواجه أسلحة العدو الثقيلة، يقول:
تبارك الحجر القدسي، فجّره، فتيان شعبي، على الطاغوت بركانا
هذي نواميس عصر الزيت يفرضها، سيف القوي بها، ظلما وعدوانا
شئنا السلام، فشاؤوا موتنا أبدا، واستنفروا الكون أحرارا وعبدانا
وجرح القدس يسألنا، يا حادي العيس هل تأتي سرايانا؟
تضمنت المجموعة الشعرية الصادرة عن مطابع دار البعث حوالى 31 قصيدة امتازت بالتدفق الشعري الصادق النابع من روح عرفت بتاريخها النضالي الطويل ووقوفها إلى جانب قضايا الأمة العربية العادلة.
واتصفت هذه القصائد بلغة حملت في مضمونها مفردات البيئة لتعبر عن واقع حقيقي صادق فنراه يصوغ المحسنات البديعية الجزلة في خدمة المضمون، فتخرج كلماته من القلب لتعبر قلوب كل من يتلقاها وتستقر في وجدانه وضميره.
والمجموعة الشعرية غنية بالحوارات التي حاول الشاعر أن يقدمها كوسيلة للتعبير عما يجول في خاطره، كحواره مع الشاعر الجواهري والتي شكا فيها حال العرب وتفرقهم، وليس غريبا على شاعر عاصر الكثير من الحروب والأزمات أن يكون له هذه الرؤية الثاقبة فيما يدور على ردهات العالم شرقه وغربه، لكن روحه الوثابة تأبى أن تهدأ إلا بعد أن يتحقق الحلم في التحرير الكامل لكل بقعة من أرض الوطن.

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية