هو بايدن يطل على الشاشات من جديد، ويتصدر المشهد، ولكن هذه المرة من كييف، يسوق لنفسه أنه رجل المعجزات، وبأنه وبالتالي، بإمكانه هكذا، وبرمشة عين، أن ينقذ تابعه زيلينسكي من مستنقع الفشل الذي غاص فيه، حتى أخمص قدميه.
ولكن.. من يتمعن جيداً في صور الثنائي أي بايدن وزيلينسكي، ويتابع بدقة كيف تنقل بايدن سراً على متن قطار استقله من بولندا، ليحط في نهاية المطاف في كييف من دون سابق إنذار، يحسم الجدل الدائر، حول من هو المهزوم في المعركة، ومن هو المنتصر.
بل وبصراحة أكثر فإن كل وعود الرئيس الأمريكي لتابعه الأوكراني على التزام الولايات المتحدة الثابت بسيادة أوكرانيا، وبأن وجوده في كييف يظهر الدعم الأمريكي لما سماه استقلال أوكرانيا، ووحدة أراضيها، وبأنه سيزود كييف بمعدات حيوية جديدة، تضم أنظمة مضادة للدروع، ورادارات مراقبة جوية، كما أنه سيعلن عن عقوبات جديدة ضد أفراد وشركات روسية، فإن كل هذا الكلام لن يغير من ماهية الحقائق على الأرض، التي تفيد بأن النظام الأمريكي مهما فعل، ومهما قدم من أسلحة فتاكة، ومهما حاك من شراك عدوانية، فإنه لن ينال من الانتصار الروسي، أو يعرقل تقدمه على أي جبهة، وفي أي ميدان، كما أنه لن يتمكن على الإطلاق من لي ذراع موسكو، بل على العكس تماماً فإن الرياح العسكرية، والسياسية، والشعبية، في العالم والمنطقة، تجري بما تشتهي سفن السلام والتحرير الروسية.
فلا يوجد أحد على سطح الأرض، لا يعي جيداً ما الذي تقوم به الولايات المتحدة في أوكرانيا، وكيف أنها استغلت نظام كييف، لتمرير أجنداتها الفوضوية حيال موسكو، وكيف أنها لم تفلح أي أمريكا في أي مما دسته من سموم ميدانية، أو دبلوماسية، حتى اليوم، وبأن كييف صحيح أنها بحاجة إلى الاستقلال والتحرر ولكن تحديداً من المحتل الأمريكي الذي حولها إلى مجرد دمية يحركها كيفما شاء، ويستثمر بأرواح شعبها، كلما اقتضت ضرورة أطماعه ذلك.
أما بخصوص الابتزاز الأمريكي لموسكو بلغة التهديدات والعقوبات، فلنا هنا أن نجزم أن ذلك لن يفيد بايدن وإدارته في شيء، ولن يغير من صورة المشهد المتخم بالإرهاب الأمريكي، والبلطجة العابرة للقارات، وبأن هذا المشهد سيسدل الستار عنه عاجلاً أم آجلاً، فلم يعد هناك قطبية أحادية كما يتوهم الأمريكي، بل أصبحنا اليوم في عالم متعدد الأقطاب، وسلاح الإرهاب الرخيص، والإجرام الدموي، وتلفيق الروايات الهوليودية، وفرض العقوبات الدنيئة، والابتزاز بسيف مجلس الامن المنخور أصلاً، الذي تنتهجه أمريكا، لن يجديها نفعاً، فالأمور باتت على المكشوف، وكل محاولات الأمريكي ومن معه فإن اختباءهم خلف أصابعهم الملطخة بدماء الأبرياء تم فضحه وذهبت محاولاتهم أدراج الرياح.