كنت أحسب أن مفهوم العائلة يقتصر على الأب والأم والأخوة وتمتد إلى الجد والأحفاد وربما الأقارب أيضاً.
اليوم يتسع هذا المفهوم ليشمل أخاً لم تلده أمك ..منقذ انتشل ضحايا الزلزال من تحت الأنقاض بعناية ودراية وحب وصبر وتأنٍ دون كلل أوملل، وطبيب عالج الجراح بمسؤولية عالية واهتمام، ساعات متواصلة لم يعرفوا فيها طعماً للنوم إلا قليله أومعنى للتعب إلا نذيره ومرشد نفسي بلسم الأوجاع بتعاطف ليعطي ليس فقط من وقته إنما من قلبه، وإعلامي أخمد نار القلق والتوتر في نفوسنا جراء شائعات تكثر في الحروب والأزمات وذلك بنقلهم الحقائق والوقائع بمصداقية وحرفية.
في مشافي اللاذقية وحلب وحماة حيث يوجد ضحايا الزلزال، حضرت العائلة السورية من المحافطات كلها لتقديم الدعم المادي والمعنوي ..لتقبيل جبينهم وتقديم واجب العزاء والمواساة.
هزات عديدة تعرض لها الشعب السوري من حرب إرهابية وحصار اقتصادي ووباء عالمي، وزلزال عزاؤنا الوحيد فيه رغم كبر حجم المصاب أننا كنا قلباً واحداً ويداً واحدة.
ومفردة (مادخلني )لاوجود لها في قاموس السوريين والأنا ذابت في “نحن”، الكل مسؤول والكل كان معنياً وشارك للحد من تداعيات الزلزال وفق إمكانياته وانطلاقاً من موقعه ومن قناعتهم أن “البحصة بتسند جرة”، حتى الأطفال وعوا مسؤولياتهم الوطنية بتبرعهم بألعابهم ومصروفهم المدرسي.
“أنا” ..هذا الضمير الرفع المنفصل، اتصل اليوم مع الآخر بواو العطف والمشاركة (أنا والآخر ) لمواجهة طوفان الألم والوجع والخراب.
هذه سوريتنا المتجذرة حضارياً وإنسانياً وثقافياً، وهذه العائلة السورية ولاغرابة في نخوتها وفزعتها وهي التي ضحت بأغلى ماتملك من أجل الوطن، ولاخوف عليها مهما اشتدت الآلام وكثرت المحن ..لأننا شعب يستحق الحياة .

السابق
التالي