الثورة – غصون سليمان
رصدت قلوب السوريين دقاتها على مقياس خوف ريختر الجيولوجي لتشهد الساحات انبعاث أهلها من جديد.. تاركين بيوتهم ومنازلهم الخاوية على ذكريات لم يمض على مغادرتها عدة ثوان أو دقائق ..
مهلاً أيها القدر، مهلاً أيتها المشاعر الخائفة وأنت التي أحسست طعم الألم ولون الصدمة، حيث ما زال في الأذن طنين ذاك الصوت وتلك اللهفة التي لايشبهها أي لحن حزين آخر.
أيام عصيبة مضطربة تتداخل فيها أحاديث المحتوى العلمي وتفسيراته لتداعيات حدوث الزلزال ونتائجه الكارثية، وبين تخمينات المواطنين المتلقين التائهين بين زحمة ما تضخه وسائل الإعلام المختلفة ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي وبين ما يحدث على أرض الواقع.
بالتأكيد الخوف والقلق مشروع عند البشر فنحن جميعاً من لحم ودم ومشاعر تحكمنا العاطفة ويأسرنا الوجدان، لكن عقلنة الأمور وحسن التصرف والتدبير ولو في حدوده الدنيا هو أكثر نجاعة وأماناً لنا ولأطفالنا وخاصة في حالات الطوارىء والكوارث الطبيعة لطالما الأمر ليس بيد البشر.
فما حدث مساء أول أمس الإثنين نتيجة الهزة الارتدادية العنيفة كما وصفت وشعر بها أبناء المحافظات السورية بدرجات مختلفة، دفعت الكثيرين نتيجة الخوف والهلع والتدافع ليصبحوا في عداد المتضررين ما بين رضوض وكسور وفقدان حياة، حسب بيانات المشافي والمراكز الصحية خاصة في المناطق المنكوبة.
فالمشهد لم يكن سهلاً وأرواح السوريين متناثرة بين عراء اليابسة من شوارع وحدائق وطرقات تبتهل إلى السماء حسن الرأفة والعاقبة للصغار والكبار.
فيما الأكثر إيلاماً اليوم هو استغلال البعض للجو النفسي المتعب بشكل عام وبث الشائعات وتوظيفها بشكل خبيث عن طريق الترويج لآراء وأقوال زعموا أنها صادرة عن شخصيات علمية ودينية واجتماعية مؤثرة في كينونة الرأي العام السوري كل حسب بيئته، وهذا ما شهدناه ليلة أمس من تكذيب ونفي لكل تلك الشائعات المغرضة المدمرة لأمان النفس وقدرتها على الصمود ومقاومة الرعب والهلع..
فمن رأى ويلات الزلزال وشكل الضحايا في اللحظات المفاجئة من الصعب تداركها باليسر، فالرضوض النفسية ربما تكون أكثر إيلاماً من الرضوض الجسدية.
وأخبار الكذب والتضليل أكثر شناعة وبؤساً حين يكون الغرض اللعب على أوتار الوعي الجمعي لأبناء المجتمع.
