زلازل الإبداع وزلازل الطبيعة

يستطيع المبدع أن يزلزل الكرة الأرضية، ويحدث إرتجاجاً وتشققات في قشرتها، ويغير مسار التاريخ، ويخرج الفن من مداره، ويضعه في مدار جديد، وأفضل مثال هنا، الزلزال الذي أحدثه الفنان الفرنسي بول سيزان (1839- 1906) الأب الروحي لكل المدارس الفنية الحديثة، والذي مهد من خلاله الطريق أمام بيكاسو وبراك لابتداع الاتجاه التكعيبي في الفن الحديث، والإطاحة بقادة الانطباعية والنيو انطباعية في مدرسة باريس.
إن المسعى العظيم لسيزان، كان في أنه دفع التفاحة بعيداً عنه، ليدعها تحيا بنفسها، إن هذا العمل هو أول علامة حقيقية قام بها الإنسان منذ بضعة آلاف من السنين، للاعتراف بمادية الطبيعة، لأن الإنسان لآلاف السنين، كان مشغولاً بمسألة ذهنية لا تتغير، وهي إنكار وجود المادة، والبرهنة على أن المادة هي شكل من أشكال الروح فقط.
بعد زلزال سيزان، جاء زلزال بابلو بيكاسو(1881-1973)، الذي تجاوزت شدته أعلى درجة على مقياس “ريختر” وأسفر عن إعلان بدايات أكبر ثورة عرفها الفن الحديث ( منذ رسمه لوحة فتيات أفنيون 1907) .. وستبقى أعمال بيكاسو هي الأكثر رواجاً وشهرة، وخاصة أن العالم أجمع ينظر إليه على أنه تجاوز حدود الأسطورة، وتحول إلى ما يشبه الخرافة.
من جهة أخرى كان نجوم الغناء، وخاصة في العصر الذهبي يزلزلون الأرض تحت أقدام جمهورهم، وأفضل مثال هنا موسيقار العصر فريد الأطرش، الذي كان أسطورياً في جماهيريته رغم أنف الأغبياء والحاسدين والحاقدين والأدعياء، وكان جمهور حفلاته يحطم الحواجز، ويملأ المدرجات والشوارع والساحات، ويتسبب في حدوث أزمات سير، وحفله في ملعب العباسيين بدمشق في أواخر حياته، خير دليل على ذلك. وهذا لا يقلل من آثار الزلازل التي أحدثتها حفلات كبار عباقرة الموسيقا والغناء في القرن العشرين في الشرق والغرب.
وكان يحلو للشاعر الدمشقي نزار قباني أن يصف أمسياته الشعرية بالزلزال، وأستعيد هنا وصفه في إحدى الصحف لزلزال شعري تجاوزت قوته ـ على حد قوله 8 درجات على مقياس “ريختر” وكان موضع بحث شعراء وعلماء أجانب شاهدوه مبهورين ومذهولين ودائخين.
حدث ذلك الزلزال الشعري في القيروان عام 1995 ضمن ملتقى ربيع الفنون. وكانت الأمسية الشعرية التي قدمها نزار دليلاً ساطعاً على تهافت الناس داخل القيروان وخارجها، حتى الذين لا يكترثون بالشعر حضروا كي لا تفوتهم كلمة أو بيت أو قصيدة من إلقاء نزار.
ومما قاله نزار قباني بعد ذلك: جمهوري هو انتصاري الأكبر، وجائزتي بعد خمسين عاماً من النضال الشعري، فأنا أواجه في كل أمسية بزلزال من الحب لا اعرف كيف أرده.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب