بين إدراك هول كارثة الزلزال المدمر، وامتصاص قوة الصدمة نفسياً ومعنوياً، واستجماع الطاقات، واستنفار الكفاءات، والانتشار الأفقي على امتداد مساحات المناطق المنكوبة في محافظات حلب واللاذقية وحماة .. ساعات قليلة معدودة لم تتجاوز عدد أصابع الكف الواحد، كانت بعدها الفرق التطوعية التي تملك رصيداً وحضوراً لا يستهان به من المبادرة والشجاعة والجاهزية المسبقة، الحاضر الأكبر داخل أرض الحدث المرعب وغير المسبوق، يداً بيد إلى جانب الأذرع الخدمية والإنشائية والطبية والإغاثية.. للدولة.
وكون ما قبل 6 شباط ليس كما بعده بالمطلق .. وكون الحدث استثنائياً بامتياز، جاء تحرك المؤسسات الحكومية غير الربحية والجمعيات المحلية المؤازر والداعم والمساند .. استثنائياً أيضاً بكل ما للكلمة من معنى، لا من داخل المكاتب المغلقة، والأجواء المكيفة، ولا عن طريق البوستات الفيسبوكية، أو أخبار المواقع الالكترونية ..، وإنما من خلال جيش الشباب التطوعي ـ غير الربحي، الذي قدم أنموذجاً ترفع له القبعة ويحتذى به بالغيرية والوطنية والاندفاع والتسابق “بمحبة وأخلاق الفرسان الشجعان” لإغاثة الملهوفين والمنكوبين والمكروبين من هول كارثة الزلزال المدمر.
نعم، هم قاموا بواجبهم الوطني والأخلاقي والإنساني على أكمل وأحسن وجه، وأبهى صورة، ليس فقط داخل مراكز الإيواء، وإنما من خارجه أيضاً من خلال تواصلهم مع العائلات المنكوبة لا الخلبية وإنما الحقيقية التي نزحت عن منازلها باتجاه قرى ومنازل أقرباء لهم لضبط و تسجيل احتياجاتهم المتنوعة، ومتطلباتهم الضرورية كاملة غير منقوصة، وتوثيق بياناتهم ومتابعتهم بشكل دوري من قبل غرفة عمليات الإغاثة في المحافظة، وصولاً إلى مبادراتهم لتوفير قاعات للدراسة، وحلقات لتعلم الطلبة …
هذه المادة ليست إعلانية أو دعائية .. وإنما للتأكيد والتذكير أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ومن باب الأمانة .. وبكل أمانة .. كانت تلك المؤسسات الحكومية غير الربحية والجمعيات المحلية والأهلية وفي طليعتها الأمانة السورية للتنمية مضرب مثل .. ومحط أعجاب وتقدير ومحبة واحترام الأسر المنكوبة والمتضررة من الزلزال .. لعدة أسباب مجتمعة أهمها على الإطلاق أنها كانت أهلاً للأمانة الوطنية.. الخالصة .. الصادقة..