الثورة – علا مفيد محمد
باتت ظاهرة التنمر تأخذ بعدها الاجتماعي بشكل عام في معظم المجتمعات كسلاح نفسي فتاك يكاد يكون له تأثير فعل الرصاصة وربما أكثر من ناحية مساحة الأذى الذي يتركه في النفس، فهو يستنزف قوة التحمل عند الفرد ويقلّل من همّته.
هذه المشكلة الطارئة يجب على المجتمع والأفراد السعي لعلاجها بمختلف الوسائل الممكنة، حيث يعد من السلوكيات الهدامة في المجتمع باعتباره فعلاً غير لائق يتنافى مع أخلاقيات المجتمع وجوهر الأديان السماوية التي تنص على احترام الجميع وعدم الإساءة إلى أي شخص كان من دون وجه حق.
وربما يكون من أقسى أشكال التنمر في عصرنا الحالي هو التنمر الإلكتروني لأنه في متناول الجميع وسريع الانتشار كالذي طال منذ عدة أيام إحدى الفنانات السوريات من باب السخرية والتهكم في ظهورها الأخير بنظاراتٍ غريبة حسب توصيف البعض خلال تأديتها واجب العزاء.
ما دفع هذه الفنانة بالرد على تلك الانتقادات معربة عن استيائها واستغرابها من هؤلاء الذين لم يحترموا حرمة العزاء، ونسوا ما أصاب بلدنا من جراء الزلزال، وأصبح جُلّ اهتمامهم شكل نظاراتها، وغيرها كُثر من الفنانين وشخصيات أخرى مختلفة الذين لم يرحمهم سوط التنمرللأسف.
في هذا السياق توضح الدكتورة ولاء يوسف اختصاصية علم النفس الاجتماعي في جامعة دمشق «للثورة»: أن التنمر هو أحد أشكال العنف والسلوكيات التي يحاول الشخص من خلالها أن يوقع أذىً بشخصٍ آخر، قد يكون نفسياً أو لفظياً أو جسدياً، والأشد خطراً هو التنمر الإلكتروني حيث إن هذا التنمر هو الأكثر شيوعاً في أيامنا هذه، ولاسيما في ظل انتشار التواصل الاجتماعي وانفتاح الثقاقات على بعضها.
حيث يلجأ البعض إلى التنمر الإلكتروني بدافع الغرور أو حب الظهور بمظهر القوي، ليتفادى بذلك الشخص عقدة نقص قد تكون موجودة لديه أو بدافع جذب الانتباه والسخرية قد يتلاعب بمصير الآخرين .
آثار سلبية
تؤكد الدكتورة يوسف أن للتنمر الكثير من الآثار النفسية السلبية بعيدة المدى على الصعيد الشخصي والاجتماعي كالسلوك الانسحابي من المجتمع بالعزلة والانطواء على الذات، إضافة إلى الاكتئاب.
كل هذا يؤدي حسب رأيها إلى تدني تقدير الذات وعدم القدرة على حل المشكلات وضعف العلاقات الاجتماعية والتفاعل مابين أفراد المجتمع.
لذلك كله فمن واجب الأهل أن يبدؤوا من المنزل في شرح الأبعاد السلبية لإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وضرورة الحذر وأخذ الحيطة الشديدة في التعامل مع الأشخاص، ولاسيما الغرباء غير الواضحين بمعلوماتهم الشخصية ولا الاسم الحقيقي وعدم وجود صورة شخصية لهم حيث أنه قد يكون من الصعب إلى حد ما معرفة الشخص الذي قام بالتنمر.
وأضافت: إذا كنا نتعامل مع مراهقين الذين تعدّ مرحلتهم من أكثر المراحل حرجاً في حياة الإنسان من ناحية تشكيل الهوية والتقلبات الفيزيولوجية والمزاجية يجب الضبط والحذر الشديدين، إلى جانب تقوية ثقتهم بأنفسهم وتعليمهم الصراحة في عكس مشاعرهم والبوح عما يجول في داخل تفكيرهم وما يتعرضون له من مشكلات لتفادي الكثير من المكونات السلبية الضاغطة على مشاعرهم ونظرته المحيط.