واشنطن في شقوق الزلزال.. والصفيحة السياسية تتحرك لاستقرار دمشق

مارك ميلي يقفز فوق شقوق الزلزال ودماره في سورية ويركض عابراً كل التساؤلات حول المواقف الأميركية المرتبكة في سورية بعد الكارثة الطبيعية التي أزاحت الطبقات “الإنسانية” التي تجمل بها وجه واشنطن السياسي لعقود وسنوات، ليظهر رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة في إحدى القواعد الاحتلالية لجيشه في شمال شرق سورية مبرراً جدوى بقاء جنوده بأنها ضرورة تستوجب المخاطرة لمنع عدوى انتقال الإرهاب إلى أميركا.
فأمن واشنطن القومي يستدعي احتلال آبار النفط السوري بحجة البحث عن مزيد من بقايا داعش التي تظهر فجأة كالكمأة مع كل برق سياسي.. وتغيب حسب حاجة السوق السياسي الأميركي لمنتجات الإرهاب في سورية.. فتارة يظهر التحالف الدولي أنه هزم داعش وهدم خيامه واعتقل قادته وقتلهم في ساعة سياسية غامضة لا يراها إلا استخباراتهم، وتارة أخرى يخرج الأميركي ببيان أنه باق بجنوده الـ ٩٠٠ في مغارات اللصوصية الأميركية وقواعده فوق الغاز والنفط السوري لحماية الأمن القومي لأميركا من الإرهاب!.
ولا تنتهي حكايات ألف ليلة وليلة أميركية إلا ببتر الطرق السياسية والحلول في سورية بسياف داعش.. فالقصة هي ذاتها حتى فوق الزلزال المدمر ولأن الحبكة بالخوف الأميركي على حرية السوريين باتت نكتة سياسية وسط النهب الأميركي للنفط السوري وحصارهم بقيصر العقوبات، حاول قائد الأركان الأميركية المشتركة ديلي مارك تغييرها هذه المرة وربطها بالأمن القومي لبلاده، وكأن تنظيم داعش والنصرة وغيرها ليست من اختراعاتهم وتعويذاتهم القديمة التي أسقطوا بها الاتحاد السوفيتي عندما دربوا الإرهابيين على تفجير خصومهم السياسية حتى بات المسلح والمتطرف في حكومات البلدان التي غزوها آنذاك .. واستمرت اللعبة الإرهابية حتى هذه اللحظة أينما حلت المصالح الأميركية.
تصريحات مارك ميلي لم تكن متوازنة فوق أرض النكبة والزلزال، وربما زادها ترنحاً ما قاله ترامب بالأمس في بيان تحضيري لانتخابات أميركا السنة المقبلة بأن على الجمهوريين والديمقراطيين إنهاء الحروب الغبية خارج الحدود ليس في سورية فقط بل بأوكرانيا أيضا، وأنه أي ترامب (السوبر رئيس) قادر على إيقاف ما يجري بين الروس والغرب على الأرض الأوكرانية في يوم ولحظة واحدة.. تخيلوا أن تحل كل القضية الأوكرانية التي تهدد العالم بقرار أميركي واحد .. بل أيضا ترامب يريد إنهاء الدولة الأميركية العميقة.
لسنا هنا نحلل ميزات ترامب بل نقف عند هذه المفارقات في البيانات الانتخابية التي تكشف عمق الشقوق في إدارة البيت الأبيض المتصدع وما خفي من دهاليزها ويكشف أن تحت المكتب البيضاوي مكاتب عميقة تديرها شركات الأسلحة والللوبيات الصهيونية ومنظرو الخراب العالمي، والتي أوصلت خرائط ودول بأكملها إلى حافة الحروب والفقر والجوع والتفكك، فقط لتكون أميركا أولا .. ترامب وحتى بايدن لم يذكرا يوما في خطابهم أمام الحشود الأميركية أو في مخاوفهم الإستراتيجية أن الخطر هو داعش أو الإرهاب، بل الخطر لديهم هو روسيا والصين والعالم متعدد الأقطاب وكل حلفاء هذه الدول التي تريد للعالم وحيد القطبية أن يزول بوحشيته الليبرالية.. وأما الإرهاب فهو شرعنة للاحتلال والحرب أمام الرأي العالمي وإعلامه.
تقف واشنطن وتحاول الإيحاء أنها بمجرد سماحها للطائرات الإغاثية بالهبوط في سورية هي (مكرمة إنسانية) ليس للسوريين فهي لم تذكرهم حتى في بيان إعلامي فقط، بيان الخزانة المزيف برفع العقوبات عن المواد الإسعافية!! بل هي تتباهى بأنها أفلتت اللجام قليلا عن الدول التي تتحكم في قرارها كالدول الأوروبية لعمليات الاغاثة التجميلية والتي أظهرت قباحة الموقف السياسي الغربي أكثر، بل وأكدت إهانة هذه الدول أكثر بأنها لا تملك سيادتها خارج نطاق المكتب البيضاوي وخزانة واشنطن ودولارها..
تحاول إدارة البيت الأبيض من خلال تصريحات مارك ميلي صرف الأنظار عن مشاهد الدمار في سورية وإعادتنا مجددا إلى مشهد داعش، وإنه الأحق والأولى من كل مشاهد الدمار، والإيحاء أيضا بأنها تحتل أرض سورية بحجة حماية أمنها الذي يمتد في كل اتجاه وحيث تصل أقصى مصالحها ومخالبها الإرهابية، ولكن لم تسعفها كذبتها في إيقاف السيل الدبلوماسي وتدفقه إلى دمشق عربيا وعالميا، فهذا الزلزال رغم ما أحدثه من خراب أكدت ارتداداته الإنسانية عربيا وعالميا أن ما حركها لم يكن متوقعا أميركيا..طاقة سياسية انفجرت من وراء كل هذا الضغط الأميركي، فالصفيحة السياسية العربية تحركت لصالح استقرار دمشق السياسي، وربما يرسم هذا الزلزال خرائط سياسية عالمية لم تكن في مقاييس واشنطن وحساباتها، فعلى من تتلو تصريحاتك يا مارك!.

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة