تناقض في أرقام تصدير الحمضيات بطرطوس.. دلائل غياب التنسيق ومؤشرات انعدام الجدية مع هذا الملف الاستراتيجي
الثورة – طرطوس -تحقيق سناء عبد الرحمن:
مشكلة الحمضيات قديمة جديدة، ففي كل عام تعقد الاجتماعات لإيجاد حل لكن للأسف لا يتمخض عنها غير الكلام والوعود، والمشكلة الأكثر إلحاحاً «التسويق» الذي يحتاج لفلسفة خاصة من حيث المواصفات التي تطلب من قبل بعض الدول.
فحتى اليوم لم تنجح كل الإجراءات والقرارات التي يتم اتخاذها عاماً بعد آخر لتسويق موسم الحمضيات الأمر الذي يزيد من خيبة آمال وطموح المزارعين الذين يعانون من مشكلة تسويق منتجاتهم وهذا ما نتلمسه من خلال الشكاوى المستمرة في كل موسم.
في مدينة طرطوس كما اللاذقية المشكلة واحدة ومن خلال متابعتنا لاحظنا انخفاض الكميات المصدرة والمسوقة بالمقارنة مع حجم الإنتاج فحسب الأرقام الصادرة من إدارة الجمارك العامة فقد بلغت الكميات المصدرة للخارج من الحمضيات حوالي 3366طناً إلى روسيا و 15000 طن إلى العراق، في حين أشارت بيانات مكتب الحمضيات أن الكميات المصدرة فاقت الـ 30 ألف طن، بينما اكتفت السورية للتجارة بذكر رقم 200 طن ماوردي إلى جمهورية القرم.
البداية من غرفة التجارة
في بداية بحثنا لمعرفة الأسباب كان اللقاء مع رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة بطرطوس سامر عبد الله الذي قال في حديثه «للثورة»: «إن هناك عدة ورشات في سهل عكار وبانياس تعمل على توضيب الصادرات لدولتي روسيا والعراق وهما خطان أساسيان، وكون سورية تتميز بمناخ يساعد على إنتاج مبكر للحمضيات بفترة 45 يوماً تقريباً قبل نضوجها في الدول الأخرى مثل تركيا وجنوب أوروبا الأمر الذي يعطينا فرصة أفضل للتصدير إلى الخارج في هذه الفترة.
وأشار إلى وجود معوقات تقف أمام عملية التصدير للخارج ولا بد من إيجاد حل لها لأهمية هذا المحصول بالنسبة للساحل السوري وحيث من الممكن التعويل عليه لجلب القطع الأجنبي لخزينة الدولة من خلال عمليات الشحن والنقل البحري كونه لا يوجد لدينا نقل مباشر بحري من مرفأ طرطوس أو اللاذقية إلى مرفأ نفرسيس في روسيا مثلاً الأمر الذي سبب رفع أجور الشحن وكلفاً إضافية، أما بالنسبة للعراق فهناك بعض التسهيلات التي قدُمت مؤخراً كالسماح للسيارات السورية بالدخول إلى العراق بعد ما كان من غير المسموح إدخالها إلا بعد قلب البضاعة على الحدود السورية العراقية والسماح لها بالدخول إلى الداخل العراقي والتسليم في مراكز المدن منوهاً أن هذا القرار جيد ويوفر الكلف والوقت على المصدرين لإيصال المنتج للمقصد النهائي في العراق.
وفي سياق متصل رأى عبد الله ضرورة تطوير التشريعات والقوانين للسماح للمصدرين الزراعيين أسوةً بالمصدرين الصناعيين أن يستبدلوا قيمة صادراتهم الزراعية ببضائع ومستوردات زراعية كالأسمدة والمبيدات الحشرية وبضائع أخرى تكون بحاجتها الزراعة، وهذا سيوفر عمليات التحويل والكلف ويصبح استعمال القطع الأجنبي من الخارج حصيلة أعمال التصدير التي يقومون بها للخارج وبهذا الإجراء يكون دعماً حقيقياً للتصدير ودعماً حقيقياً للمنتجات الزراعية .
مكتب الحمضيات بطرطوس
مدير مكتب الحمضيات بطرطوس نشوان بركات قال «للثورة» إن الكميات المنتجة من الحمضيات في طرطوس بلغت حوالي 153 ألف طن وفق الأرقام الواردة إلينا من مديرة الزراعة في حين أن التقديرات النهائية لم تصدر حتى تاريخه، في حين بلغت الكميات المصدرة خارجياً من الحمضيات على مستوى سورية ما يزيد عن 30 ألف طن. مشيراً إلى أن دور مديرية مكتب الحمضيات فني من خلال تقديم الدعم الفني بشكل مباشر للمزارعين أو من خلال وضع الأسس الفنية للإدارة الصحيحة لمزارع الحمضيات ودعم ونشر مفهوم المكافحة الحيوية بالتعاون مع الجهات المعنية، كما يشارك مكتب الحمضيات في تطبيق برنامج الاعتمادية من خلال وضع الدليل الفني والاستمارات اللازمة للمزارع المنتسبة للبرنامج، حيث تم وضع خارطة لتوزع أصناف الحمضيات على الساحل على مستوى الوحدة الإرشادية بما يضمن الحصول على أعلى إنتاج من وحدة المساحة وبأفضل نوعية.
في حين تقوم وزارة الزراعة حالياً بتطبيق برنامج إعادة إعمار مزارع الحمضيات الهرمة حيث أن هناك قسم من مزارع الحمضيات تم زراعتها منذ ثمانينات القرن الماضي وبالتالي أصبحت خارج السن الإنتاجي وليست ذات جدوى اقتصادية، حيث يتم توزيع الغراس مجاناً لأصحاب هذه المزارع الهرمة لتجديدها على أن يلتزم بزراعة الأصناف وفق الخارطة الموضوعة من قبل وزارة الزراعة.
وقال: مع بداية تسويق محصول الحمضيات يتم وضع خطة متكاملة من قبل الحكومة وتوضيح دور كل جهة من الجهات المعنية وذلك لضمان انسياب المنتج خلال الموسم، وقد تم تنفيذ الدور المتعلق بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي من دراسة تكاليف المنتج وغيرها.
وأوضح أن مكتب الحمضيات يشارك في لجان التسويق في اللاذقية وطرطوس التي ما تزال مستمرة في عملها حتى تاريخه لمواجهة المعوقات التي قد تواجه تسويق المنتج (مثل تأمين المحروقات لسيارات شحن الحمضيات خلال نهاية العام الماضي).
اتحاد الفلاحين
رئيس اتحاد فلاحي طرطوس المهندس فؤاد علوش ذكر أن إنتاج طرطوس من الحمضيات لهذا العام 160 ألف طن والمسوق منها للسورية للتجارة 400 طن وهناك عقد من السورية للتجارة من أجل التصدير لروسيا ،200طن، موضحاً أن الاتحاد يقدم للفلاحين ما هو متاح من السماد والمازوت ويسعى من أجل تأمين مستلزمات الإنتاج.
في السورية للتجارة
من جهته مدير التجارة الداخلية المهندس محمود صقر أشار إلى أن الكميات المسوقة من الحمضيات ومن كافة الأصناف والأنواع 350 طناً حيث تم اعتماد أسعار تأشيرية معممة من قبل الإدارة العامة لكل صنف وذلك بعد سبر الأسواق مشيراً أن الأسعار متغيرة لصالح الفلاح عند زيادة الأسعار في الأسواق.
وأضاف أن عملية الاستجرار تتم بشكل يومي من أرض الفلاحين وبآليات المؤسسة مع تقديم الصناديق الحقلية مجاناً للفلاحين ويتم من كافة المناطق وذلك بعد التواصل مع الروابط الفلاحية والجمعيات في مناطق الإنتاج أو بشكل مباشر من قبل الفلاحين الراغبين بتسويق منتجاتهم عن طريق السورية للتجارة.
وأضاف صقر أن التسويق بدأ مع بداية شهر تشرين الأول ومستمر حتى الآن ونهاية الموسم، موضحاً أنه لا يوجد أي خصم على الوزن ويتم فرز الكميات في خط الفرز التابع للمؤسسة السورية للتجارة وعلى أساسه يتم وزن الكميات والتسعير وصرف قيمة ثمن الكميات بشكل مباشر عن طريق الدائرة المالية، حيث أن كافة الكميات ترسل إلى فروع السورية للتجارة في المحافظات وأيضا صالات فرع طرطوس.
دائرة التسويق الزراعي
رئيس دائرة التسويق الزراعي والحيواني في فرع طرطوس المهندس نزيه حسن بين أنه يتم دعم المزارعين من خلال قيام المؤسسة السورية للتجارة باستجرار مادة البرتقال الماوردي من الفلاحين مباشرة وفرزها وتوضيبها في مراكز السورية للتجارة في منطقة الساحل حيث بدأت بتصدير الدفعة الأولى والبالغة 250 طناً من البرتقال الماوردي من خلال المؤسسة السورية للتجارة إلى دولة روسيا الاتحادية (القرم) وتليها كميات كبيرة ستقوم المؤسسة بتصديرها، مشيرا إلى أنه يتم التحضير لأنواع أخرى حسب الروزنامة الزراعية ووجود الفائض.