لم تكن مشكلتنا في يوم من الأيام متمثلة بالقوانين والتشريعات التي تصدر لمختلف المستويات ولا سيما الاقتصادية منها، وإنما في كيفية تنفيذها من خلال تعليمات تنفيذية تتلاءم وروح النص التشريعي، وهذا ما جعل العديد من تلك القوانين تفقد أهميتها، فالمهم بأي قانون أن تكون تعليماته التنفيذية واضحة وصريحة ولا تقبل أي تفسيرات أو تأويلات.
ويأتي المرسوم رقم ٣ لعام ٢٠٢٣ الخاص بالإعفاءات الضريبية للمتضررين من كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية ليرسم صورة جديدة ومختلفة عما سبقه من تشريعات لكونه يحمل طابع الإغاثة وبعداً اجتماعياً وإنسانياً، وهذا ما لمسناه بروح النص وفي كل مادة من مواده لكونه غير مسبوق بجميع تفاصيله ليكون بذلك إحدى الأدوات التي تعمل عليها الحكومة مع حزمة أخرى ستصدر تباعاً للتخفيف قدر المستطاع من تداعيات كارثة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة.
ومن هنا تأتي أهمية التعليمات التنفيذية التي ستصدر قريباً جداً لترجمة روح النص التشريعي على الأرض ليُحدث أثراً إيجابياً ودعماً مباشراً ليس فقط لمتضرري الزلزال، وإنما لكل مواطن على أرض الجمهورية العربية السورية، فالإعفاءات التي وردت في النص مع تحمل خزينة الدولة لكافة الفوائد لمدة زمنية تصل لعشر سنوات وتمديد مهل التسديد ستخلق ثقة كانت مفقودة بين المواطن والأجهزة المالية، ويبدد التخوفات لدى العديد من متضرري تلك الكارثة.
اليوم الحكومة ولا سيما وزارة المالية تُفكر بطريقة مختلفة بعيداً عن الفكر التحصيلي (الإيرادات) رغم أهميته للتنمية الاقتصادية لتأخذ مساراً آخر يتمثل بالبعد الاجتماعي والمعيشي والإغاثي بهدف عودة المتضررين إلى بيوتهم واستقرارهم والبدء بالنشاط الاقتصادي.
كل ذلك لن يتحقق دون تحديد وشرح واضح لكل مادة في النص التشريعي من خلال التعليمات التنفيذية التي ستكون سداً منيعاً أمام أي حالة فساد أو تلاعب كي لا يفقد روحه الإغاثية والاجتماعية.