فؤاد مسعد:
يترجم المخرج أيهم عرسان هاجسه في إنجاز أفلام سينمائية للأطفال من خلال خيارات يطرح في كلّ منها الجديد والمختلف محاولاً التطرق إلى أماكن لم يتم التطرق إليها بهذه الخصوصية سابقاً، وفي فيلمه القصير الأحدث «زاوية صعبة» الذي كتبه وقام بإخراجه يدخل إلى عوالم يلامس فيها الوجع بكثير من التأني والحذر مخاطباً عقل ووجدان الطفل بمصداقية عالية .
الفيلم الذي انتهت عمليات تصويره من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وتمثيل : عاصم حواط، ياسمين جباوي، غيث الأدهمي، غدي العقباني، تيم حمشو، حكمت شيخ الأرض، جواد خلوف، عمر طرخون .
محاور رئيسية
حول المحور الأساسي الذي تدور حوله الحكاية يقول: أحاول في كلّ فيلم أنجزه عن الأطفال تناول قضية جديدة مختلفة عما سبق وطرحته، خاصة أن هناك الكثير من الحكايات التي لم يتم التطرق إليها، وقد ذهبت هذه المرة باتجاه الحديث عن أزمة لها علاقة بالطفل الذي وضع في الزاوية الصعبة، فنتيجة ظروف عائلية واجتماعية يضطر إلى حمل أعباء تحوله إلى نصف رجل، وتكمن الجدلية هنا بأن الأمر فيه حالة من القصرية والإحساس بالواجب ما يدفعه إلى تقبله وكأنه تطوّع لحمل المسؤولية .
ويشير المخرج إلى أنه عرج في فيلمه على موضوع آخر أيضاً هو قضية التنمر، يقول: التنمر من العادات الموجودة في مجتمعنا، فقد يقوم أحدهم بالتنمر وكأن ذلك جزءاً من سلوكه العادي دون إدراك لمدى الأثر الذي يمكن أن يتركه عند الآخر، وإلى أي مدى يمكن أن يجرحه أو يؤذيه ويكسر قلبه، لا بل قد يُقرأ التنمر على أنه قوة شخصية أو أن المتنمر شخص مرح، في حين تكون الأمور ذاهبة باتجاه التنمر القاسي المؤذي وفي الفيلم أعطي ملمحاً عن هذا الموضوع ، وعن أثر هذا التنمر على المُتنمر وكيف يمكن أن يتعامل معه؟ لأنه قد يكون مؤذياً له أو أن يمتلك القدرة على التعامل معه من منطلق كونه تحدياً ينبغي التغلب عليه فيتماسك ليستطيع صده .
المرحلة الأصعب
إلى أي مدى حرص ككاتب للنص على إظهار أن للطفل في النهاية حياته وأحلامه بغض النظر عن المسؤولية التي يتحملها؟.. سؤال يجيب عنه قائلاً: حاولت أن أفكر بمنطقه وأضع نفسي مكانه، الأمر الذي ساعدني كثيراً في الكتابة لأرى الأمور من منظوره، والمعالجة الدرامية قائمة على هذا الأساس، لأن الفيلم موجه للطفل الذي ينبغي أن يتفاعل معه، وإن شعر أن شخصاً كبيراً يروي الحكاية سينصرف عنها، لكني أريد أن يشعر في لحظة وكأن الفيلم قصة مختلسة من الحياة نفسها لأطفال يشبهونه، وهذا التماهي الذي يمكن أن أخلقه مع الطفل المشاهد يمنح العمل مصداقيته، ويعتبر المرحلة الأدق والأصعب في الكتابة للطفل، وهو المحك لهوية العمل، أهو فيلم يروي قصة طفل ضمن سياق درامي أم هو فيلم موجه للطفل؟.. وللأسف هذا التباس يقع به كثيرون .
هناك هاجس يحاول المخرج أيهم عرسان ترجمته عبر أفلامه، ولهذا الهاجس مفرداته ومنطقه الذي يتمازج فيه الواقع مع الخيال والعوالم الخاصة بالطفل، ولكن كيف يحضر ذلك كله في ذهنه لتقديمه ضمن فيلم يحاكي هذه الشريحة العمرية؟ وما السر وراء فيلم ليكون الأقرب إلى الأطفال؟.. يقول : يكمن السر في التفكير بمنطق الطفل وكيفية معالجته للأمور، فأحياناً أجد موقفاً معيناً قد يحيرني فأحاول أن أرتد إلى طفولتي لأستذكر كيف كنت أتصرف حياله، أو أحاول أن أقرأ من خلال المحيط الاجتماعي والأطفال الذين أعرفهم كيف تكون ردّة فعلهم، فأسعى لامتحن هذا الأمر وتوظيفه ضمن السياق الدرامي لدي، وهذه الدراسة والاختبارات التي أقوم بها تعتبر واحدة من العمليات التي أمارسها أثناء الكتابة .