الثورة – رويدة سليمان:
كنت كما الأسر كلها أقوم بالتحضيرات المناسبة لهذا اليوم من أجل احتفاء يليق به وذلك مع أبنائي ومع أمي أيضاً .. وقبل أسابيع أرصد الميزانية لتجهيز مائدة من المأكولات التي ترضي أذواق أبنائي ومايشتهون لطالما أفهم تماماً سر همساتهم وحيلهم الطفولية البريئة حرصاً منهم لإضفاء عنصر المفاجأة على هداياهم ولمساتهم السحرية عليها .
على العكس اليوم ، ومع بداية مطلع هذا الشهر كنت أترقب بحذر وخوف وقلق شروق شمس الحادي والعشرين من آذار تعاطفاً مع أمهات حديثي الفقد لأبنائهم حيث لم تنفع توسلاتهم لضربة قدرية “الزلزال” بأن يكونوا بدل أبنائهم ولا دعواتهم بالمغادرة الأبدية معهم .
أم يحيى ..سيدة كغيرها من الأمهات السوريات عصر الألم قلبها منذ أن فجعت باستشهاد زوجها لكنها ظلت متمسكة بالأمل والرجاء من أجل يحيى ، ذلك الطفل الذي كان يذكي روح التحدي في نفسها ومواجهة الصعاب على الرغم من الإحباطات والمنغصات والتجارب الحياتية القاسية التي مرت بها دون أن تحطمها .
يحيى الذي لم يكن له من اسمه نصيب ، غيبه الزالزال في هذا اليوم ليترك أمه بين حنين الأمومة ومرارة القدر ، وشريط ذكريات سيبقى في الذاكرة لتعانق روحه روحها بينما تبتلع دموعها التي لاتعرف حدوداً بانتظار نسمات أمل تبرد نار قلبها .
في حين أم محمد، تلك المسنة التي مازالت في دار المسنين تتلهف للقاء ابنها المغترب في هذا اليوم ، وكان قد أعطاها وعداً بذلك منذ سنوات ولكنه في كل عيد يقدم الحجج والتبريرات ، وحنين الأمومة هو الأقوى الذي لايقبل الأعذار .
لا أريد أن أعكر صفو هذه المناسبة وفرحة الأبناء بأمهاتهم وتقديرهم لتضحياتهم، ولكن هناك قصص وحكايا لأمهات تستدعي منا أفراد وهيئات ومجتمع أهلي وأقرباء وأحباء وأهل وجيران وأصدقاء بلسمة جراحهم النفسية ولاسيما في هذا اليوم وليس ذلك بالأمر الصعب ولا العسير وأعتقد أن توجه مجموعة من الأطفال تحت إشراف مديرة الروضة أو مجموعة من طلاب المدارس إلى دار المسنين في عيد الأم والتهنئة على طريقتهم وبعفويتهم كفيلة بإنعاش أرواحهم والاستمتاع بهذا اليوم .
كلنا نمتلك مهارة تقديم الدعم النفسي للآخر الذي وقع في شرك الأحزان والهموم والآلام ولا علينا إلا التمتع بالروح الإنسانية والتعامل الإنساني .. طوق النجاة والأمل.