الملحق الثقافي – وفاء يونس:
الشعر هو أحد أشكال التعبير وأحد مظاهر الهوية اللّغوية والثقافية، وهما ما يعتبران أغنى ما تمتلكه الإنسانية، فمنذ قديم الزمان، عرفت كلّ القارات بمختلف ثقافاتها الشعر، إذ أنه يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كلّ الشعوب، فالشعر يحول كلمات قصائده البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام، ولذا، تم تخصيص يوم 21 مارس/آذار من كلّ عام للاحتفال باليوم العالمي للشعر.
اعتمد المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الثلاثين المنعقدة في باريس عام 1999، ولأول مرة، يوم 21 مارس/آذار اليوم العالمي للشعر بهدف دعم التنوع اللغوي، ومنح اللّغات المهددة بالاندثار فرص أكثر لاستخدامها في التعبير، ويعتبر اليوم العالمي للشعر فرصة لتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفهي للأمسيات الشعرية.
الشّعر أعلىَ مَرَاتب الإبداع وأرقاهَا!
ويرى أدونيس: أنّ الرّوائييّن ليس لهم أيّ تأثير كبير في المجتمع المعاصر، حتى وإن كان لهم قرّاء أكثر ممّا لدى الشعراء، فالروائيّون يمرّون فى عقل أيّ إنسان بطريقة أفقيّة وسطحيّة، وهم يؤثّرون في القرّاء المستهلكين، أمّا الشعراء فإنهم يؤثّرون في القرّاءالمبدعين، فسرد العالم يعني نسخه، وإذا كنّا ما نقوم به هو إستنساخ الحياة، فإننا لا نقوم بأيِّ شئٍ حقيقيّ، فالفنّ والإبداع ينبغي لهما خلق طاقة منتجة، والشّعر يتميّز برؤيا خاصّة وشاعرية نحو العالم.
وعندما سئل أدونيس عن دور الشعر في المجتمع المعاصر، قال:»الآن يبدو أنه لم يعد للفلاسفة والعلماء ما يقولونه، ولكنّ الشّعراء نعم»، ويرى كذلك أنّ الشعر لا ينطوي على جانب علمي، ولهذا فقد لا يكون فى مقدوره تغيير العالم، إلاّ أنه يمكنه تغيير رؤية الإنسان حيالَ هذا العالم، ونوعية علاقاته مع الآخرين.
وقال:»إنّ علاقته بالشّعر هي أكثر غنىً وثراءً الآن ممّا كانت عليه عندما بدأ ينظم الشعر منذ سنوات بعيدة خلت، وطالب أدونيس بمزيد من الحوار البنّاء، والتفاهم المتبادل، وقال إنّ لديه الثقة الكاملة فى الطاقات البشرية المتوفّرة في حوض المتوسّط شريطة ألّا نظل حبيسي التجارة والعسكرة، وقال: يبدو للناس أنّ هناك ثقافة متوسطية واحدة، ولكن هذا ليس صحيحاً، فالمتوسط يقدّم لنا ثراءً، وتنوّعاً رائعين، ولهذا ينبغي لنا أن نهتدى لإيجاد طريقٍ للتفاهم والحوار.
الرصافي
أعرني لساناً أيها الشعر
معروف الرصافي
أعرني لساناً أيها الشعر للشكر
وإن تطق شكراً فلا كنت من شعر
وجئني بنور الشمس والبدرِ كي أرى
بمَعْناك نور الشمس يُشرق والبدر
وحُم حول أزهار الرياض تطيبا
بها مثلما حام الفراش على الزهر
وقم في مقام الشكر وانشر لواءهُ
برأس عمودٍ خذه من غرة الفجر
فإن لبيروت حقوقاً جليلة
على َّ فنب يا شعر عنيَ في الشكر
فإني ببيروت أقمتُ لياليا
وربَك لم أحسب سواهن من عمري
وقضيتُ أياماً إذا ما ذكرتها
غفرت الذنوب الماضيات من الدهر
لئن تك في بغداد يا دهر مذنباً
على ففي بيروتَ كم لك من عذر
قرأت بها درسَ المكارمِ مُعجبا
بكل كبير النفس ذي خُلق حر
فكنت بها من باذخ العز في الذرى
ومن سرواتِ القوم في أنجم زهر
وداعاً وداعاً أيها القوم أنني
مُفارقكم لاعن صدود ولاهجر
لئن أزف الترحال عنكم فإن بي
إليكم لأشوَاقا أحر من الجمر
أودعكم والشوق بالصبر فاتك
كفتك الملوكِ المستبدين بالأمر
أحبكم قلبي اعترافاً بفضلكم
وأنكر في يوم النوى حكمة الصبر
ولا غرو أن أكرمتم الضيف شيمة ً
توارثتُموها عن جُدود لكم غر
ألستم من العرب الألى طار صيتهم
إلى حيثَ يَبقَى تحته طائر النسر
أعاريب نهاضون في طلب العلى
غطاريف سباقون في حلبة الفخر
سأذكركم ذكر المحبِّ حبيبه
وأشكركم شكر الجدوب ندى القطر
فلا تحرِموني من رضاكم فإنني
أمين الريحاني
إليكم إليكم ما حييت لذو فقر
خمس عشرون وصيةً للشعراء
في مستهلّ كتاب أنتم الشعراء، يقدّم الرّيحاني عشر وصايا للشعراء، ومن ثمّ يقدّم خمس عشر وصية للشعراء أيضاً في نهاية الكتاب، ومن باب الفائدة رأينا أن نجمع الوصايا معاً.
الوصايا:
1- أنا القاموس إلهك، لا إله لكَ غيري
2- أكرم سيبويهِ، ونفطويهِ، والكسائيَّ، وأخوانهم أجمعين
3- لا تحلف باسم ليلى بالباطل
4- لا تمدحْ بالنور
5- لاتكذب على دعد وهند وشقيقتهما
6- لاتبكِ
7- لا تقتلْ
8- لا تسرقْ
9- لا تشتهِ قصيدة أخيك أو نياشينه
10- وفّر من غرش يومك لتطبع ديوانك وتنشره، وتعلنه وتجزي المقرظين
11- حرروا صناعتكم من (قفا نبك) وسائق الأظعان إنّ عندكم اليوم الطيارات لتسوقوا النّجوم
12- حرروا أنفسكم من القيود التي تحول دون الإبداع والتجدد، ودوّنْ الصّدق في الّشعور والحريّة في التفكير.
13- خذوا بيانكم، محازكم، استعارتكم، من الوجود، ومن الحياة لا من الكتب.
14- ليكن في خيالكم حقائق كونية وبشرية وليشع من هذه الحقائق الخيال.
15- انظروا إلى الكون من خلال أنفسكم الّشاعرة الباصرة، ولا تنظروا إلى أنفسكم من خلال الأوهام، الشاعر صوتٌ ونورٌ، وما فيه سوى ذلك هو باطلٌ زائلٌ
16- لا تسرفوا في البيان، ولا تطنبوا في بثّ لواعج النّفس، فإنّ من أفصح الكلام الوقف، ومن أبلغ المعاني الإشارة بل السكوت
17- حافظوا على التناسب والتوازن، بين الصيغة والمعنى، وبين القلب والروح، إذا كنتم طائرين مثلاً ليكن القول خفيفاً مجنّحاً، وإذا كنتم متألمين، أو ناقمين لتكن الأمواج اللّغويّة من ذوب الحديد.
18- تجنبوا السّخافة في الفكر والوصف، وفي الصّور الشعريّة والخيال لا تسخّروا القمر والشمس مثلاً لما سخرهما قبلكم ألفُ شاعرٍ وشاعر.
19- لا تدخلوا المواضيع من الأبواب التي دخلها قبلكم جميع الشعراء المقلدين، فتتعثرون بعظامهم ولا تتجون من قبورهم
20- ليكنْ لقصائدكم بدايةٌ ونهايةٌ، فلا تقرأ طرداً وعكساً على الّسواء.
21- لا تعصروا قلوبكم، كأن تتعلمون رقّة الشعور، ولا تتعقدوا أفكاركم كأن تتعمدون الغموض والإبهام.
22- تحرّوا البساطة والصدق، والإخلاص فكراً وصناعةً وخيالاً.
23- لا تنسوا وطنكم، في حبّكم الإنسانيّ، ولا تنسوا الإنسانية في نزعاتكم الوطنيّة.
24- ارفعوا للناس، مشاعل الآباءة والشرف والقوة والعدل، والشّجاعة والثبات والأمل والإيمان.
25- وقبل كلّ شيء، وبعد كلّ شيء، كفكفوا دموعكم، فالّشمس لاتزال لكم، والقمر لايزال رفيقكم، والّربيع لايخونكم.
العدد 1137 – 21/3/2023