الملحق الثقافي – محمد خالد الخضر:
نتذكر دائماً قول الشاعر الذي كان يزين أو يطرب أسماعنا ينطلق من شاشات التلفزة:
لغة إذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا بردا على الأكباد
ستظل رابطة توحد بيننا
فهي الرجاء لناطق بالضاد
في هذين البيتين ملخص لما تعنيه حماية اللغة، وكيف يجب أن نحافظ عليها في وقت يتآمر الكثيرون لكي تزول من الوجود.. رغم أن اللغة العربية من أقدم لغات الكون، ورغم كل ما واجهته، وما مرت به من تحديات تطورت، وظلت ثابتة قوية، فوصل إلينا من خلالها أجمل ما قدمته الحضارة العربية من علم وثقافة وأدب.. وعندما وجد العالم أن هذه اللغة أصبحت مصدر اعتزاز ورمز تماسك وتلاحم وقوة.. دارت المؤامرات، ولكن لابد من حمايتها ورعاية صمودها فإنما وصلنا وما ظل إلى يومنا هذا يثير عواطفنا لنتمسك بها.
من منا ينسى عندما مرت فترة وأصبحت اللغة العربية لزاماً أصيلاً في ما المناهج وفي كل المعاهد والجامعات ووصل نفوذها وقوة حضورها إلى ضرورة التعامل بها حتى في الطرقات، وفي الشوارع، وفي الأماكن العامة..
آنذاك كنا نشعر بالفخر عندما يقف أي واحد منا أمام مدرسه أو معلمه أو أستاذه ويكلمه باللغة الفصحى والمنطق القوي كانت حالة من أهم مقومات الاعتزاز، والقوة التي يحسب لها ألف حساب، وبعد ذلك بدأت عيون الآخرين تتطلع إلى نهاية هذا التاريخ العريق الذي يعد من أهم مقومات.. وحضور التماسك العربي لأنه من أهم مقومات المحبة.. لذلك بدأت تتنوع منظومات متطورة جداً في تقنياتها لاستجرار الضعفاء، وأخذهم إلى مكان آخر، وبدأت حالات غزو الدراما التي بذلت كثيراً لاستغلال عقول الشباب ومنها الدراما الغربية، والدراما التركية التي قلدها كثير من الإرهابيين مثل مسلسل الأرض الطيبة الذي وزع كثيراً من المهام على أدوات الإرهاب.. وثم بدأت المنظومة الإلكترونية تخترق الشباب لإضعاف شخصيتهم.. فالشاب الذي يبدأ انطلاقة حياته بدلاً من أن يأتي ويقول لزملائه مرحبا استبدلها بـ (هاي)، وكثرت أيضاً هذه الاختراقات عند الشابات اللواتي اعتمدن (بونسوار وبونجور) وغير ذلك.. وهذه أشياء خلقت في كثير من الشباب حالات خوف وضعف.. فلابد من اليقظة وعودة المنظومة التربوية وفرض المطالعة وحفظ الشعر والأدب، والتغني وتشجيع ما يصف الوطن بالثقافة والأدب وعدم السماح بالتكلم في المدارس إلا باللغة العربية الفصحى، وعدم السماح بالتكلم بالمؤسسات الثقافية إلا باللغة العربية الفصحى، والتزام الوسائل الإعلامية قاطبة بها وعدم تغطية أي نشاط ثقافي ما لم يكن ملتزماً بها، وتشجيع مؤسسات الإنتاج التي كانت سابقاً تنتج مسلسلات وأفلاماً باللغة الفصحى للعودة إلى هذا الأسلوب الذي لم يكن قليلاً، ولم يكن فاشلاً، والعمل على خلق منظومة توازي بالقوة ما تبثه منظومات الغزو الثقافي خلال البرمجة الإلكترونية التي أثرت كثيراً على حياة الشباب والشابات، فلا يمكن لأي شاب غالباً أن يتحمل غياب الإنترنت يوماً حتى لو تحمل الجوع فيفضل أن يكون جائعاً ولا يسقط هاتفه من يده وتفشت هذه الظاهرة بالشوارع بالكثير من الشباب والشابات فلو حسب أي واحد من هؤلاء حساباً لما تجرأ أن تتعلق روحه بأشياء لا يمكن أن تقدم له خيراً لأنه لا يمتلك الجرأة أن يواجه ولو انتقاداً بسيطاً لذلك لابد من تضافر التربية المدرسية التعليمية والمنزلية لو تحولت بعض أسس التربية إلى رفع مستوى المحاسبة، فاللغة العربية هي لغة التاريخ وهوية الماضي والحاضر والمستقبل يجب ألا نتخلى عن هويتنا بكل الوسائل والسبل لأن ضمان سلامة اللغة عند الشباب هو ضمان لمستقبل ثقافي مشرق.
العدد 1137 – 21/3/2023