الثورة – علا مفيد محمد:
كثيرةٌ هي لحظاتنا التي نضيعها في الجدل والكراهية، وفي هجر مَن نُحب وخصامه. في معارك متناثرة لإثبات صحة أفكارنا و خطأ المختلفين عنّا.
وحين يطرقُ الموت بابنا خاطفاً من بيننا أروع من فينا مفاجئا إيّانا دون أن يمنحنا مهلةً لنفعل ما أردنا فعله، ندرك أننا أهدرنا ما منحته لنا الحياة، فنحن نفتقد الراحلين ونبكيهم ونشعر بقيمتهم وأننا لم نكرمهم ما يكفي في حياتهم، ولم نعطهم قدرهم ونبقى هكذا لا نعرف قيمة الأشياء والبشر إلا إذا فقدناهم.
هل تستحقّ الدنيا كل هذا الصراع ؟ لماذا لا نتذكر “تفاهة”الدنيا إلا ونحن واقفين على حافة القبور ونحن نودّعهم باطن الأرض..لتصحو ساعتها معهم الذكريات ولحظاتٍ عاشوها بيننا بكلّ مافيها من أفراحٍ وأتراح. فيكبر في داخلنا الإحساس بالفقد وتطيح الدموع للتعبير عما يجيش في داخلنا من حزنٍ عميق، نلملمه بمزيدٍ من الأسى إلى مجالس العزاء، تلك المجالس النابضة بالحياة التي تحكي نوعاً من الارتباط الوجداني بين الأفراد.
وجذورها التي تعود إلى حالةٍ من الصفاء في القلوب وإلى الإحساس الطاهر الطيب الذي يجمع بعضهم البعض.
هذه اللوحة من العزاء الاجتماعي، تنسيك الحزن والبكاء على الفقيد ولو لحظياً ووقتياً بمواساة أهل العزاء وتذكيرهم بأهمية الصبر والوجود معهم.
هذه المجالس التي يحضرها الكبير والصغير لها الأثر الكبير بما فيها من خيرٍ ومنافع ولقاءات وسلامات وحوارات وشخصياتٍ من مختلف المجالات والتخصصات. تشهد فيها تآلف القلوب وتعاضدها وتولد الألفة والسلام.
إنها تحقق الوحدة العاطفية في أروع صورها وفي ظلالها وبركاتها نستلهم أهمية الحفاظ على المودة بيننا واغتنام اللحظات في وصال أحبابنا كما قالت أحلام مستغانمي “أحبوا بعضكم فالفراق لا يعطي إنذاراً، واسألوا بعضكم فلا أحد يعلم متى ستكون آخر مكالمة أو لقاء”.