سعاد زاهر:
ربما هي فرصة للحظة انعتاق بعيداً عن الذات، ومشكلات المجتمع المحلي الضيق، لأن المبدع لا يركز على مجرد حدث بسيط، بل على نكبة أو كارثة لا تحدث في الحياة إلا نادراً.
إنها ممر عبور نحو تجربة أعمق في الحياة، تبعدنا عن كل الملامح والرؤى السطحية، يتبدى في البداية نفق أسود، حين نتطلع إلى الكارثة من منظور وجع الناس ومعاناتهم، إلى أن يتاح للإبداع التعاطي مع الأمر الواقع وانتهى، برؤى تنبش كل المخزون الفكري والروحي، كي يساهم في تعافي الناس.
د. صباح الدبي:
الرهان على الكتابة
الشاعرة والكاتبة المغربية د. صباح الدبي ترى أن الكوارث تقلب حياة الإنسان رأساً على عقب، وتفاجئه من حيث لم يكن يدري بدمارها الهائل مادياً ومعنوياً، فينخرط الإنسان في حالات من الخوف والذعر والمعاناة والألم، ويفقد كل أمانه المعهود وحياته المطمئنة، وليس هذا بالأمر الهين، إنها حالة انقلاب وجودي كامل تضع المرء في مواجهة مصيره الجديد المفاجئ، ومن ثمة تصبح الحاجة إلى ترتيب الفوضى، وترميم ما خلفه الدمار على كل المستويات أمراً مُلحّاً.
إن المثقف في ظل هذه الظروف مدعو إلى الرهان على الكتابة بوصفها رأبا لكل تصدعات الذات الإنسانية، إذ بحكم إحساسه العالي بحجم الكارثة يمكنه أن يكون ملاذاً يخفف من وطأتها من خلال إبداعه، وبما أنه فرد من الجماعة التي أصابتها الكارثة، فإن الكتابة تشكل له خلاصاً ذاتياً وجماعياً بحكم قدرة الكشف والتعبير على رأب الصدع وعلى التخفيف من هول المصاب، وعلى تحفيز الذات والآخر على تجاوز المحن من أجل مستقبل يعيد بناء ما تم هدمه مادياً ومعنوياً.
إن الثقافة بكل تعددها الإشكالي بإمكانها أن تساهم في عملية البناء الرمزي للإنسان، وفي إعادة تحريك ما سكن فيه، كما تسمح بتقديم رؤى مستقبلية كفيلة بإعادة تشكيل بُنى مجتمعية قادرة على تخليص الإنسان من كل أشكال الإحباط والتيه والضياع الذي قد تنجم عن الدمار المفاجئ، وتمنحه من خلال الفكر الإيجابي الحر ومن خلال الحلم الذي يقدمه الإبداع بكل أشكاله، طاقة هائلة لإعادة بناء الثقة في حياة جديدة تنبعث مما خلفه الدمار من رماد، إنها عزيمة الانبعاث الجديد ومواجهة المصير المنكوب وإعادة ترميم الذات والمجتمع والعالم لتستمر الحياة، وهذا رهان الثقافة والمثقف كلما وجد الإنسان نفسه أمام هذه الهاوية المفاجئة، لأن الخروج منها والعودة إلى الحياة ضرورة وجودية.
تامر زيدان:
ستنهضون وتصدرون العبر
الشاعر المصري تامر زيدان انطلق في حديثه عن كارثة الزلزال من منظور شعري، باعتبار أنه تدوين لكل ما يمر به البشر، ووقائع الحياة سواء أكانت قديمة أو معاصرة تدل على هذا المنحى، الشعر مرآة الشعور الإنساني من فرح وعذاب وشفاء وعشق وشغف ومحبة.
إن الأدباء والفنانين والشعراء، هم أكثر الناس تأثراً بمعطيات الأمور من حولهم، لأنهم يعيشون معاناة الآخرين، أكثر من أي شخص آخر، حتى إن الانكسارات أو الكوارث التي نسمع عنها، حتى لو لم نعشها، فهي تؤثر علينا وعلى إبداعنا أكثر من نكباتنا الشخصية، لأنها تبقى نكبات على مستوى ذاتي، بينما كارثة الزلزال التي حلت ببلدكم الغالية هي مأساة طالت الجميع، في وقت عصيب.
وبالتأكيد في مصر شعرنا بمصابكم الأليم لأننا عشنا ما يشبهه في التسعينيات من القرن الماضي حيث مررنا بزلزال مشابه، لم ننساه حتى اليوم، ولا ننسى الخيم التي انتشرت في مختلف محافظات الجمهورية، ولا ننسى الناس التي أمضت أياماً تحت الأنقاض، وبالتأكيد لن ننسى ما رأيناه في سورية كلها مناظر تدمي القلب، ولكن نؤمن أن بمقدوركم بقوة الإرادة رغم كبر المآسي أن تنهضوا وتصدروا دروس قوتكم.