فؤاد مسعد:
روح مختلفة استطاعوا بثها في مفاصل العمل، فزادوا من حياته حياة ومن ألقه ألقاً، إنهم أطفال «مربى العز» إخراج رشا شربتجي وتأليف علي معين صالح، خمس حلقات «حتى الآن» كان لحضورهم فيها نكهته الخاصة التي طبُعت ببصمتهم ليكونوا محوراً أساسياً يؤسس لما هو قادم، والمفاجأة كانت تقديم أداء مُتمكن تمازجت فيه العفوية مع القدرة على الإمساك بمفردات الدور وإظهاره بما فيه من إحساس عالٍ.
كانوا أطفالاً كباراً في معظم المشاهد، تارة تبرز البراءة من أعينهم عبر نظرات تكاد تنطق وتارة أخرى تغلب قسوة الحياة على مُحيّاهم فتخط ملامحها التي تعاملوا معها بمنطق عنفوان الكبار، والدور الأبرز كان للأخ الأكبر «سيزار عبد القادر» وتبعه الأخ الأصغر «جود شمسو»، ورغم معاناتهما إلا أن الحرص كان واضحاً على نبش مكامن الطفولة داخل كل منهما وإعطائها مساحتها لتظهر على السطح، ففي الحلقة الرابعة استلا من الزمن الغادر لحظات هاربة ليلعبا ويعودا إلى عوالم طفولتهما بعيداً عن الخوف والترقب، والمفارقة أن المشاهد رافقت شخصيتي الطفلين طيلة الحلقات الأولى من دون أن يكون لهما اسم، ففي الحلقة الخامسة تمت تسميتهما إلى جانب الطفل الرضيع.
مما لا شك فيه أن وراء هذا الأداء المعجون بالموهبة تقف مخرجة تقود الدفة بتمكن، تدرك ماذا تريد من كل شخصية، تمتلك القدرة على تحريض الكامن داخل الممثل «كبيراً وصغيراً» لاستحضار ما لديه من إحساس، ليأتي الأداء مبهراً مفعماً بالحياة وعاكساً للشعور الحقيقي المؤثر ومترجماً لمنطق الشخصية وأفعالها.