ما الذي يجمعنا بموسكو ويبعدنا عن واشنطن؟

ما الذي يجمعنا بروسيا ويبعدنا عن الغرب؟ لماذا وقفت معظم “دول الجنوب” مع روسيا في حربها ضد الناتو في أوكرانيا، وما هي حقيقة خلاف الغرب معنا نحن شعوب (الجنوب)؟.

بالتأكيد إن الخلاف ليس “الديمقراطية الغربية” في مواجهة “الدكتاتورية” كما يروّج له الغرب، بل الخلاف في حقيقة الأمر ينبع من أن الغرب الاستعماري الذي تقوده الولايات المتحدة، يريد إلى جانب هيمنته السياسية والاقتصادية، أن يفرض نمط المجتمع الغربي على العالم أجمع باعتباره النمط الذي ينبغي أن يسود.

الغرب يحاول السيطرة على شعوب العالم من خلال الغزو الفكري والثقافي، ولاسيما لجيل الشباب ليحول المجتمعات إلى دمى يحركها وفق مصالحه وبما يخدم أجنداته، فما أطلق عليه اسم (الثورات الملونة والربيع العربي) ليست سوى شكل من أشكال استخدام الشعوب ضد دولها وتحويلها إلى (جيش مرتزق) يحارب من أجل المصالح الأمريكية من دون أن تخسر واشنطن جندياً أو طائرة حربية.

اليوم الغرب الاستعماري بقيادة واشنطن يشن حروبه على بقية دول العالم على قاعدة “نحن الأفضل” فإما أن تكون معنا وتابعاً لنا أو أن تكون عدوّنا، وبناء على هذه القاعدة نرى الولايات المتحدة تقود حروباً ضد روسيا والصين وإيران وسورية، وهذه الحروب تأخذ أشكالاً مختلفة بين العسكرية والاقتصادية، لكنها جميعها تشترك في أنها حرب فكرية ثقافية تهدف إلى دفع الشعوب للتخلي عن قيمها وفرض نمط الحياة الغربية عليها.

تعمل الدول الغربية كالولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا التي تتبنى الليبرالية الحديثة وسنّت تشريعات وطنية تكرس المثلية الجنسية والشذوذ، وتسحق فكرة الأمومة والأبوة وتقضي على القيم والروابط الأسرية والمجتمعية، من أجل تصدير هذه الأفكار الهدامة إلى الدول الأخرى بالقوة.

لكن دول العالم، ورغم أن أنظمتها الاجتماعية ليست مثالية، ترفض أن يملى عليها نظام حياتها وطبيعة علاقاتها الأسرية والاجتماعية، ولا تقبل بنمط الحياة الغربية لما تشكله من تهديد حقيقي على مستقبل العالم.

ومن هنا لم يكن مفاجئاً أن يخصص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاباته الموجهة للشعب الروسي مساحة واسعة للتحذير من حرب الغرب الفكرية والثقافية والاجتماعية ضد المجتمعات الأخرى عندما قال: “من غير المقبول بالنسبة لروسيا أنه بدلاً من أمي وأبي يجب أن يكون هناك (الوالد رقم 1 والوالد رقم 2)” لما يحمله هذا التوجه من بذور انحلال وانقراض للمجتمع.

لكن الرئيس بشار الأسد سبق بوتين في تشخيص المشكلة مع الغرب الاستعماري الذي يعمل لتصدير الليبرالية الحديثة ومفاهيمها الانحلالية إلى شعوب العالم، ويحاول فرضها بالترهيب العسكري والحصار الاقتصادي والغزو الثقافي والفكري عبر الإعلام والسينما ووسائل التواصل الاجتماعي وغير ذلك.

فقد نبه الرئيس الأسد في عام 2020 إلى أن الغرب يشن غزواً فكرياً للشعوب الأخرى عبر نشر الليبرالية الحديثة التي تهدف إلى سلخ الفرد عن أسرته ومجتمعه ووطنه وضرب مفهوم الانتماء الأسري والمجتمعي والديني، ومحاولة فرض مفاهيم غريبة كالمثلية والفردية ونشر المخدرات وغيرها ليصبح الإنسان منسلخاً عن مجتمعه سهل الانقياد.

أضف إلى ذلك، تتصرف الدول الغربية بفوقية مفرطة تجاه بقية دول العالم وتتعامل معهم كرعيّة، تقسّم العالم إلى “خيّرين” موالين لواشنطن و”أشرار” مناهضين لها، فتحاكم الآخرين باعتبارهم أشرار لكن ممنوع على الآخرين توجيه النقد لها.

في الحرب الأوكرانية .. تقول الرواية الغربية .. كل من يقف مع واشنطن ينتمي إلى (العالم الحر الديمقراطي)، وكل من يقف مع موسكو ينتمي إلى (عالم الأشرار والدكتاتوريات الاستبدادية)، لكن العالم لم يعد يقبل أن تكون واشنطن هي الخصم والحَكَم.

قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا يعطينا نموذجاً دقيقاً لطبيعة الفوقية الغربية وغياب العدالة في العلاقات الدولية.

نفس المحكمة نامت عقوداً على جرائم الحرب التي ارتكبها رؤساء الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق والصومال وليبيا وسورية، وفعلت الشيء نفسه فيما يخص جرائم قادة كيان الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، لكنها تحركت بسرعة فيما يخص روسيا!! هذا هو النفاق والفوقية والعنصرية التي نخاصمها ونعاديها في الغرب.

ما يجمعنا بروسيا، أنها على مدى العقود الثمانية الماضية لم تكن دولة احتلال بل ساعدت دول العالم على التحرر من الاستعمار، ولم تكن الصين كذلك دولة احتلال، لكن حتى اليوم معظم الدول الغربية تمارس الاحتلال والهيمنة ضد دولنا سواء بشكل مباشر عبر الجيوش أو عبر الحصار الاقتصادي.

ما يجمعنا مع روسيا والصين ويضعنا في خندق واحد، هو هذا المفهوم للصراع .. صراع العدالة الدولية والمساواة والشراكة ضد الهيمنة والسيطرة، صراع الهوية والانتماء في مواجهة الانحلال والتطرف وفقدان الأخلاق.

آخر الأخبار
المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة في اليوم العالمي للطفل.. جامعة دمشق داعمة لقضايا الطفولة بمناهجها وبرامجها التعليمية استشهاد 36 وإصابة أكثر من 50 جراء عدوان إسرائيلي على مدينة تدمر بالتزامن مع يوم الطفل العالمي.. جهود لإنجاز الاستراتيجية الوطنية لحقوق الطفل "التجارة الداخلية" بريف دمشق تبدأ أولى اجتماعاتها التشاورية أسطورة القانون رقم 8 لحماية الناس..!! حمى عناصر الرقابة التموينية والتضخم والغلاء.. مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة د... رئاسة مجلس الوزراء: عدم قبول أي بطاقة إعلامية غير صادرة عن وزارة الإعلام أو اتحاد الصحفيين السفير الضحاك: استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي يهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين انطلاق الحوار الخاص بتعديل القوانين الناظمة لعمل "التجارة الداخلية" بطرطوس الأملاك البحرية لا تُملك بالتقادم والعمل جار على تعديل قانونها وزير التجارة الداخلية: بهدف ضبطها ومراقبتها .. ترميز للسلع والمنتجات ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43972 منذ بدء العدوان عراقجي: فرض أوروبا إجراءات حظر جديدة ضد إيران خطوة مدانة واستفزازية ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان على جنين ومخيمها لليوم الثاني إلى خمسة في يومهم العالمي.. مطالبات فلسطينية بحماية فورية للأطفال من استهدافهم الممنهج القوات الروسية تحرر بلدة في دونيتسك وتقضي على 50 عسكريا أوكرانيا في سومي زيلينسكي: أوكرانيا ستهزم بحال أوقفت واشنطن دعمها العسكري     "كاونتر بانش": مطالبات بإقرار عضوية فلسطين في الأمم المتحدة