أصبحت ظاهرة التسول اليوم لا تطاق فمع قدوم شهر رمضان المبارك بدأنا نلحظ انتشاراً كثيفاً للمتسولين في شوارع مدينة دمشق وأمام المحال وفي الأسواق حتى أن وجودهم أصبح عبئاً كبيراً أمام من يريد أن يجول في الأسواق.
المشكلة أن جل هؤلاء لا يعبرون عن حقيقة واقعهم وهم يمارسون التسول كعمل وحرفة ومهنة حتى أن حالهم أفضل ممن يقدم لهم المال سواء كان مضطراً تحت واقع الملاحقة المزعجة ومحاولات الاستعطاف التي لا تنتهي…هؤلاء كما ذكرت يمتهنون التسول والقصص كثيرة عن أناس يعملون في التسول في الظاهر ولكنهم في الحقيقة أصحاب أملاك وثروات ليست بسيطة.
السوريون بطبعهم شعب خير يندفع لعمل الخير وتقديم المساعدة والصدقات، وهو الأمر الذي يعول عليه المتسولون المحترفون في جني الأرباح التي لا يستحقونها علماً أنهم يعملون ضمن شبكات منظمة تتناوب على الأمكنةالتي يوجد فيها الكثير ممن يستحق الصدقة أو المساعدة بأوقات معروفة، ولكن عزة أنفسهم تمنعهم حتى من شرح ظروفهم أو طلب المساعدة فهم متوجون بتاج العفة والحياء وعزة النفس… للأسف من يستحق أو بمعنى آخر من تجوز عليه الصدقة لا يتسول ولا يطلب…
هناك تقصير كبير اجتماعي بالدرجة الأولى فالتكافل الاجتماعي والإنساني بين السوريين واجب فرض بدليل أن الزكاة هي ركن من أركان الإسلام ناهيك بأن كل الديانات تدعو إلى التكافل الاجتماعي والإحسان حتى أن جوهر الصيام يتمثل في الإحساس بالفقراء وبمن لا يمتلك رفاهية سد الرمق…ومن جانب آخر ثمة تقصير تتحمل مسؤوليته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي الجهة المشرفة على الجمعيات الخيرية التي يتوجب عليها أن تؤدي دور صلة الوصل بين من يقدم ويسعى لعمل الخير وبالمناسبة هم كثر وبين من يستحق الصدقة أو الزكاة وهم فئات محددة بالقرآن الكريم…
المسألة بحاجة لتضافر الجهود ونشر الوعي وإيجاد الوسائل التي تضمن النتيجة وثمة تجارب مميزة يمكن أن تطبق لدينا وهي ليست معقدة أو مستحيلة وعلى سبيل المثال تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لا تلحظ في شوارع مدنها متسولين إنما تخصص صناديق منتشرة في الشوارع يضع فيها من يريد أن يتصدق لتوزع بشكل حضاري على المستحقين…
أما بالنسبة لمن يتسول كمهنة فيجب أن يوضع لهم حد ويفترض أن تعالج هذه الظاهرة وفق شقين الأول له علاقة بمنع هؤلاء ومن ثم تحديد المستحقين لتقدم لهم المساعدة ضمن منظومة وزارتي الأوقاف والشؤون الاجتماعية.