الهروب من التشرذم الداخلي والتناحر الذي ينخر البنية السياسية المتأكلة والجلوس على فوهة بركان التصعيد العدواني في القدس المحتلة، هو ما يمارس العربدة فيه العدو الإسرائيلي للتشويش على جلبة التخبط والارتباك التي باتت توسم هذه المرحلة من عمر الكيان الغاصب وتنذر بتداعيات قد تعجل بانهيارات قادمة لا محالة إن لم تكن في التناحرات البينية داخل التركيبة الهشة لكيان مأزوم، فإنها حتماً بمفاعيل المقاومة التي لن تستكين لتعسف وترهيب ولن تفتر همة عزائمها حتى تحرق مخططات الاحتلال وتمزق اجندات تمدده العدواني.
ليست الأزمات الداخلية العاصفة والهزات العنيفة التي تضرب وكر الإرهاب الصهيوني وحدها ما تترك آثارها العميقة وتقود إلى تخبطات هستيرية، فثمة تحولات كبيرة وقاصمة، وتجاذبات وتقاربات في المنطقة باتت تدب الهلع في نفوس من استماتوا لتكريس الانقسام والخلافات، والخرائط التي أرادت لها “إسرائيل” أن تكون من نار وفوضى إرهابية تحرق جسور التواصل بين دول المنطقة، بدأت تأخذ شكلاً مغايراً للرغبة الصهيونية، وارتفع فيها منسوب التعاون والعمل المشترك لردم فجوات التفرقة ومد جسور من تعاضد لتجاوز مفخخات المرحلة التي تستهدف مصالح دول المنطقة وأمن واستقرار شعوبها .
مهما زاد السعار الاسرائيلي واتسعت دائرة التعديات المرتكبة ،فثمة خرائط جيوسياسية اقليمية ودولية بدأت تُرتسم ،وثمة توافق استراتيجي اعمق واشد منعة بدأ يترسخ بمداميك قوة الحقوق المشروعة وصلابتها ومتانة التحالفات.
يتوهم العدو انه بصب زيوت التسعير على مشهد التعديات وتوسيع رقعة العربدة في المنطقة ارضاء للشارع الصهيوني المتعطش للقتل والمتخم بالدموية والعنصرية انه قادر على اطفاء جمر المقاومة ووأد روح المواجهة والتصدي لتعسفه وانتهاكاته ، ويتغافل عن أن جذوة المقاومة لن تخبو شعلة توهجها الا بزوال الاحتلال واستعادة الحقوق السليبة ، وتلك حقوق تكفلها المواثيق الاممية .
خرائط النار المفرودة على طاولة الميدان لن تحرق الا اوراق الوهم الاسرائيلي، فإرادة الشعب الفلسطيني قوية ومؤازرة محور المقاومة الذي لم يحرف بوصلته ولم يبدل ثوابته بالتصدي لمخططات الاحتلال، كفيلة بخلق توازن الردع والرعب الذي نرى اليوم مفاعيله العظيمة في كل جبهات القتال المفتوحة مع العدو وأدوات ارهابه على امتداد مساحة دول المحور المقاوم، فأصحاب الحقوق وحدهم من يمتلكون جهوزية عالية ودوافع استبسال نوعية للذود عن الأرض والحقوق، الأمر الذي لا ولن يملكه المحتل الغاصب.