الإسمنت بين الحاجة الفعلية والواقع فجوات تسويقية بملايين الأطنان.. واقعاً إنتاجياً صعباً.. والشركات تعمل بأقل من نصف طاقتها

الثورة – جاك وهبه:
تعد مادة الإسمنت أكثر المواد التي تحتاجها شركات التعهدات والبناء أو حتى الأكثر طلباً من قبل الناس العاديين، ومن المتوقع عند بدء مرحلة إعادة الإعمار في سورية زيادة معدلات الطلب عليها بشكل كبير، فما هو الواقع الحالي لهذه الصناعة وماهي الإمكانيات الحقيقية لمعامل الإسمنت وقدرتها على رفد الأسواق في ظل الطلب المتزايد، مع الإشارة إلى أهم الإجراءات الواجب اتخاذها لتفادي أي أزمات تتعلق بنقص المادة مستقبلاً؟.

فجوة تسويقية
للإجابة على ما سبق توجهنا بداية إلى وزارة الصناعة كونها المعني الأول وتمتلك عدة معامل لإنتاج الاسمنت حيث أشارت مصادر خاصة في تصريح خاص لصحيفة «الثورة» لوجود فجوة تسويقية تقدر بحوالي 1.5 _ 2 مليون طن من الإسمنت سنوياً، ومن المتوقع أن تزداد هذه الفجوة خلال مرحلة إعادة الإعمار لتصل إلى حوالي 20 مليون طن سنوياً، وبينت المصادر أن معامل الإسمنت المحلية العاملة حالياً غير قادرة على تغطية هذه الفجوة لعدة أسباب تتعلق بقدم خطوط الانتاج والطاقات الإنتاجية التصميمية المنخفضة لهذه المعامل.
بأقل من 50 % من طاقتها
الأمر الذي لم يخفيه مدير عام مؤسسة الإسمنت المهندس الطيب اليونس مبيناً أن الشركات التابعة للمؤسسة تشهد واقعاً إنتاجياً صعباً فهي تعمل بأقل من 50% من طاقتها الفعلية وذلك لأسباب متعددة تتمثل بنقص موارد الطاقة وصعوبة تأمين القطع التبديلية إضافة لنزيف الكوادر البشرية وخصوصا الخبيرة منها، موضحاً ان الطاقة الإنتاجية الحالية لمعامل القطاعين العام والخاص تقدر بما يقارب 5.7 مليون طن سنوياً، تتوزع إلى 4 مليون طن كطاقة إنتاجية للشركات الثلاث التابعة للمؤسسة وهي السورية وطرطوس وشركة عدرا، و 100 ألف طن للمؤسسة العامة للإسكان، و 1.6 مليون طن لشركة البادية التابعة للقطاع الخاص.
ولفت أنه من الصعوبة التنبؤ أو تحديد كميات الإنتاج الفعلي لمادة الإسمنت بشكل شهري وذلك لعدم انتظام تدفق موارد الطاقة بأنواعها كماً ونوعاً، وصعوبة إجراء الصيانات اللازمة بسبب الحصار الاقتصادي أحادي الجانب المفروض على سورية وعدم التمكن من إيجاد القطع التبديلية بسهولة وما يرافقه من تقلبات في سعر الصرف، إضافة إلى قدم خطوط الإنتاج وكثرة التوقفات الطارئة.
عقود تشاركية
وفيما يتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل المؤسسة بهدف زيادة الطاقات الإنتاجية للشركات، أوضح أن المؤسسة تسعى بشكل دائم لتغطية احتياجات الأسواق ورفدها المستمر بالكميات الكافية من الإسمنت، وبناءً عليه يتم العمل على إعادة تأهيل وصيانة الخطوط الإنتاجية العاملة ومنها الخطين 1 و 2 في شركة عدرا والخطين 3 و 4 في شركة طرطوس، وتسعى المؤسسة من خلال بعض العروض المقدمة لها عبر وزارة الصناعة لإقامة خطوط إنتاج جديدة وفق مبدأ التشاركية في محافظتي حلب وريف دمشق، مشيراً أن الشركة العربية لصناعة الاسمنت بحلب قامت بإبرام عقد تشاركية مع إحدى الشركات الوطنية بهدف إعادة بناء خطوطها الإنتاجية ومن المتوقع إعادتها إلى الدورة الإنتاجية مع بداية عام 2025.
مشاكل مزمنة
من جهته مدير عام مجموعة سيم تك لخدمات الإسمنت جبرائيل الأشهب بين أن قطاع الإسمنت في سورية يعاني من عدة مشاكل أصبح بعضها مزمناً بسبب إهمال حلّها عبر سنين طويلة كآلية الضخ في السوق المحلي والاختلاف بين القطاعين العام و الخاص في هذه الجزئية إضافةً إلى اختلاف السعر الذي وصل لحدود 40 % لصالح القطاع الخاص زيادةً، وما يعانيه المصنّعون من القطاعين من صعوبات في حوامل الطاقة عامّةً ومن تأمين الفيول اللازم لتشغيل الأفران بشكل خاص، إضافةً إلى ارتفاع سعره أي الفيول حيث تُعد حوامل الطاقة هي البند الأول في عناصر تكلفة إنتاج الإسمنت.
غير دقيقة
وأشار أن التقارير والإحصاءات التي ظهرت مسبقاً حول حجم الطلب الحالي والمتوقع مستقبلاً من مادة الإسمنت الرمادي في سورية والصادرة عن جهات محليّة وخارجية، غير دقيقة و لا تحدث دورياً و غير مبنية على مسوحات تمت على أرض الواقع كما لا يمكن الارتكاز عليها في اتخاذ قرار استثماري في صورة مصنع إسمنت تكلفته تقدّر بنحو 300 مليون دولار أميركي، وخاصة أن الزلزال الذي حدث مؤخراً قد أضاف كميات إلى جانب الطلب ليست بالقليلة.
البدء الفعلي
ويرى ان المشكلة لا تكمن في قدرة مصانع الإسمنت السورية على تلبية حاجة الإعمار في سورية وخاصة بعد الزلزال الذي حدث مؤخراً ورفع الواقع الذي خلّفه من حجم الطلب على هذه المادة الاستراتيجية، بقدر ما تكمن في البدء الفعلي بالإعمار وفتح جبهات العمل التي بدورها ستنشّط الطلب، بمعنى آخر تأمين التمويل بالنسبة للمشاريع الكبيرة ورفع القدرة الشرائية بالنسبة للأفراد المستهلكين حيث وصل سعر طن إسمنت القطاع الخاص المكيس مطلع العام الحالي -تسليم ريف دمشق إلى 700 ألف ليرة أي ما يعادل 100 دولار أميركي تقريباً و هو الأعلى بين دول الجوار، لافتاً أن هناك ست تراخيص لمعامل إسمنت جديدة من القطاع الخاص في منطقة أبو الشامات بريف دمشق، في حال دخولها الخدمة سترفد السوق السوري بالكميات المطلوبة و تردم الفجوة التسويقية المتوقّعة و خاصّة في ذروة الطلب على مدار العام و في السنوات الأولى من الإعمار ولكن هذا يحتاج بالإضافة إلى ناحية الطلب آنفة الذكر، إلى استقرار مالي، نقدي و تشريعي ولكنه غير متوافر حالياً.
قرارات جريئة
وقال الأشهب: إن قطاع الإسمنت السوري بحاجة إلى قرارت جريئة من الحكومة السورية لتنظيم تداول المادة وتوحيد آلية تسعيرها من ناحية وضرب مكامن الفساد الذي يساهم فيه القطاعين العام والخاص من ناحية أخرى إلى جانب المساعدة الفعلية في إقلاع المعامل الجديدة وتذليل حقيقي للصعوبات التي تواجه المستثمرين في صناعة الإسمنت عبر سن قوانين مرنة تلائم الواقع الحالي.
فتح باب الاستيراد
أحد المقاولين وتجار مواد البناء الذي فضل عدم ذكر اسمه قال: إن المرحلة القادمة تتطلب كميات كبيرة من الإسمنت، وأن انقطاعها عن الأسواق يؤثر بشكل كبير ومباشر على قطاع المقاولات، لذلك لابد أن تتخذ الجهات المعنية عدة إجراءات لتوفير الكميات اللازمة من مادة الإسمنت، كالإسراع بإنشاء مصانع جديدة لتغطية احتياجات السوق، وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع الحالية إضافة إلى مراقبة احتياجات السوق بشكل مستمر لتفادي حصول أي أزمات مستقبلاً، إضافة لفتح باب الاستيراد.

آخر الأخبار
معركة الماء في حلب.. بين الأعطال والمشاريع الجديدة تأهيل طريق مدينة المعارض استعداداً للدورة ٦٢ لمعرض دمشق الدولي التوجه إلى التمكين… "أبشري حوران".. رؤية استثمارية تنموية لإعادة بناء المحافظة السيطرة على حريق شاحنة في  حسياء  الصناعية تفاصيل مراسيم المنقطعين والمستنفدين وتعليماتها بدورة تدريبية في جامعة اللاذقية الكيماوي… حين صارت الثقافة ذاكرة الدم  واشنطن في مجلس الأمن: لا استقرار في سوريا من دون عدالة ومشاركة سياسية واسعة  " التلغراف ": الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة الجوع بالعالم ستعلن للمرة الأولى "المجاعة" في غزة ضبط لحوم فاسدة في حلب وتشديد الرقابة على الأسواق تنظيم سوق السكن في حلب والعمل على تخفيض الإيجارات "المجموعة العربية في الأمم المتحدة": وحدة سوريا ضمانة حقيقية لمنع زعزعة الاستقرار الإقليمي بين الهجوم والدفاع.. إنجازات "الشيباني" تتحدى حملات التشويه الإعلامي منظمة يابانية: مجزرة الغوطتين وصمة لا تزول والمحاسبة حق للضحايا مندوب تركيا في الأمم المتحدة: الاستقرار في سوريا مرهون بالحكومة المركزية والجيش الوطني الموحد بيدرسون يؤكد ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض الانتهاكات الإسرائيلية الشيباني يبحث مع الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين تعزيز التعاون صحيفة عكاظ :"الإدارة الذاتية" فشلت كنموذج للحكم و تشكل تهديداً لوحدة واستقرار سوريا قرى جوبة برغال بالقرداحة تعاني من أزمة مياه حادة "نقل وتوزيع الكهرباء" تبحث في درعا مشروع "الكهرباء الطارئ" في سوريا في ذكرى مجزرة الكيماوي .. المحامي أحمد عبد الرحمن : المحاسبة ضرورية لتحقيق العدالة