عكس اجتماع جدة التشاوري، لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق، الرؤية العربية الموحدة لضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، ينهي جميع تداعياتها، ويحافظ على وحدتها وأمنها واستقرارها وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي، وهذا يعزز الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية اليوم لإيجاد حل للأزمة ينهي معاناة السوريين جراء الحرب الإرهابية وتداعياتها، ويشير أيضاً إلى أهمية وجود دور قيادي عربي على هذا الصعيد بعيداً عن التدخلات الأجنبية، التي حاولت من خلالها الولايات المتحدة، وأتباعها الأوروبيون فرض أجندات ومشاريع استعمارية جديدة تستهدف الوجود العربي كله.
منذ بداية الأزمة، تجاوبت سورية مع كل المبادرات التي تم طرحها لإنهاء الأزمة، وهي ما زالت ترحب بكل جهد عربي يقود إلى حل يراعي ثوابتها ومصالحها الوطنية العليا، والجهود العربية اليوم، هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وهي باتت حاجة ملحة تمليها خطورة المخططات الغربية، وتعاظم التحديات التي تواجهها الأمة العربية، ولاسيما أن هذه الجهود تأتي في ظل اقتراب سورية من إنجاز نصرها الكامل على الإرهاب، وتثبيت المعادلات التي فرضها الجيش العربي السوري، والتي تبنى عليها تحالفات دولية إستراتيجية، وسورية ما زالت تشكل الحجر الأساس لتدعيم وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات رغم شراسة الحرب الإرهابية التي مازالت تتعرض لها، ورغم حجم الحصار الغربي الجائر.
وانطلاقاً من مواقفها القومية، فإن سورية لا تنفك عن تأكيد حرصها على ضرورة تحسين العلاقات العربية العربية، وإعادة تفعيلها، بما يعود بالنفع على الشعوب العربية كافة، وهي لم تفقد البوصلة يوماً في إعادة تمتين اللحمة العربية، لإدراكها وإيمانها بأن فكرة العروبة هي المستهدفة من كل الحروب التي أشعلتها الولايات المتحدة في المنطقة، ومن هنا فإن عودة العلاقات العربية إلى مسارها الطبيعي، ستقود إلى انفراجات ملموسة، وتحصن أمن واستقرار شعوب المنطقة، وبالتالي تعزز السلم والأمن الدوليين.
تسارع وتيرة التقارب العربي مع سورية، لا شك أنه إسفين آخر في نعش المشروع الصهيو- أميركي الذي يستهدف دول المنطقة وشعوبها، إذ ترى الولايات المتحدة وفق منظورها الاستعماري، أن أي تقارب بين الدول العربية هو تهديد مباشر لمخططاتها التدميرية والتقسيمية، فهي مازالت حتى اليوم تفتعل الأزمات وتشعلها، لإيجاد موطئ قدم ثابت لها في المنطقة، يتيح لها الاستمرار بنهب خيرات شعوبها، وفي أقل تقدير، فإن التقارب العربي- العربي، من شأنه توحيد الجهود والصفوف لإنهاء أي مشكلات طارئة على البيت العربي، وهذا بدوره يسحب الذريعة من يد واشنطن بإبقاء قواتها المحتلة على أجزاء من أراضي الدول العربية، وبالتالي يفقد حكام البيت الأبيض معظم أوراقهم السياسية التي كانوا يستخدمونها لمواصلة تدخلاتهم السافرة في شؤون دول المنطقة.

السابق