صفحات الكتاب الأولى تلتقطنا أو تفلتنا إلى غير رجعة…!
الكاتب يتنافس معنا، مع القارئ، حتى لو كان مخلصاً إلا إن لم تتمكن كلماته الأولى من جذبه فإن العمل الأدبي يخسر قارئه.
إنها موهبة البدايات الآسرة، الافتتاحيات التشويقية التي تعطيك إحساساً مغرياً لمتابعة الكتاب حتى النهاية، وأنت تقلب صفحاته يبدو كسيمفونية، نغماتها مضبوطة تمنحك إحساساً، بأن ثمة ما يفترض أن يقرأ…!
ولكن من ناحية أخرى، في المجتمعات التي تعاني من كل هذا الركود، تخترق احتياجاتك البدائية حجب عقلك، وتستند بشكل هش إلى عوالم القراءة، ومهما حاولت ضبط ذاتك، كأنك تقارع الصخر، بضع دقائق تخطفك البدايات الآسرة، سرعان ما ترمي كتابك.
هو نفسه الكتاب عندما اشتريته ضممته إلى صدرك بشغف كأنك تمتلك أثمن الهدايا، ولكن حين تعود إلى منزلك، ومهما كان واسعاً وجميلاً، إلا أن تلك الغصة العالقة في الحلق، ذاك الاختناق الرابط فوق صدرك كأنك لقيته الثمينة، يعيق تفتح وعيك نحو الكتب.
إذاً تحتاج إلى وقت مختلف…؟
أو إلى نبض وإحساس لا ينتشي إلا بالحكايات التي أخذتنا على حين غرة، فغزت بقايانا، لتعيننا على استرداد أشلاء لطالما حاولنا ألا تتفتت، ولكنها فعلت، وهي ترمي بنا إلى واقع منهك، متقلب، نعاكس فيه حتى ذواتنا، وتبدو الكتب مجرد أوراق مرمية قربنا بإهمال، منتظرين قدوم أوان يمكننا بعده الاحتكام إلى الكتاب.
اليوم ونحن نحتفل في ( 18) من شهر نيسان بيوم الكتاب السوري، هناك شيء مفقود، لا علاقة له فقط بالثقافة، ولا بصناع الكتاب الذين تحدوا وأصروا، ومازال كتابنا السوري يعبر البلدان بشغف البدايات الأولى، ولكنه الزمن والوقت والحالة التي تعيق بشر منهكين، فارغين إلا من مذاق التعب.
السابق