لا يختلف اثنان أن البون بين الحياد والتدخل شاسع، والفرق بينهما واضح.
كما لا يختلف عاقلان أن الأمور ستزداد تعقيداً وإرباكاً وفلتاناً عندما يطغى الشق السلبي من أي منهما على الجانب الإيجابي، ويصبح حبل أسواقنا على غاربه.
أما المعادلة التي كان السواد الأعظم من أصحاب الدخل المحدود جداً يرددونها بالفم الملآن وعلى الملأ ويصفونها بأنها “مستحيلة الحل نهائياً”، مازالت هي القائمة والمتربعة والمسيطرة والمهيمنة على الخطوط العريضة والتفاصيل الجزئية الدقيقة للعملية التجارية في أسواقنا ومولاتنا ومحالنا ودكاكيننا وبسطاتنا “دون استثناء”.
نعم، معادلة تجارنا ومستوردينا وباعتنا “الجملة ونصف الجملة وصولاً إلى المفرق” قائمة على طرف واحد لا ثاني له، ألا وهو “ما بعد الزيادة إلا الزيادة”، بمعنى أن الزيادة التي يسجلها هؤلاء على أسعار المواد الأساسية والسلع الضرورية قبل شهر رمضان المبارك، وعيد الفطر، وافتتاح المدارس، وأعياد الميلاد ورأس السنة، والمونة، وعيد الأضحى .. لم يعقبها في أي يوم من الأيام، أو أي موسم من المواسم، أي انخفاض “لا طفيفاً كان ولا حتى خجولاً” ، بل سبقها ورافقها وتلاها زيادات وزيادات على مؤشر الأسعار، زادت من طين المواطن بلة، ومن ضغطه ارتفاعاً، ومن وزنه انخفاضاً، ومن صحته “البدنية والنفسية” تراجعاً.
هذه المعادلة التي لن ولم يجد معها الحياد نفعاً في يوم من الأيام، تحتاج اليوم “اليوم تحديداً” إلى تدخل إيجابي من العيار الثقيل جداً .. تدخل قادر على فك شيفرتها ورموزها وكلمة سرها، وإعادة توازنها المفقود إليها.
نحن اليوم، نحتاج إلى نسف الحياد جملة وتفصلاً .. نحتاج إلى قوة تنفيذية – تموينية – رقابية، ناعمة أو مفرطة غير مهم، لكون الأهم بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود جداً، إحقاق الحق، ونسف كل حالات وأشكال الغبن والسرقة والابتزاز التي يتعرض لها في كل عملية شراء، على يد حفنة ليست بالقليلة من لصوص الأسواق.
السابق
التالي