كأننا نرتهن لزمن خاص، تبدو فيه اللحظات لا تشبه بعضها، كيفما تصغها في أوقات الأعياد تتناسخ لتعطي بهجة حتى لو مفترضة، مجتزأة نحتاجها، بعد كل هذا الرخاء في الحزن والأزمات.
كأننا افترشناها زمناً طويلاً، وها نحن نغادرها متيقنين أنها لن تعاودنا بنمطيتها المعهودة لأننا لن نلحظها ، فكل ملامحها أضحت معروفة، يمكن التعاطي معها والقفز فوقها.
في الأعياد تتداعى الذكريات، وتتهافت صور كل من كنا نمضي معهم لحظات فيها احتضان مختلف لحياتنا، كأننا نعتصر بعض ما مررنا به من اختناق، ضاقت فيه الدروب وأوصدت الأبواب، وحين تفتح اليوم أوقات الأفراح، فهي تفتح ستارتها شيئاً فشيئاً كأنها تخشى أن تطل فجأة فنحن لم نعتدها بعد.
حين نجترح الأحزان ونتخطاها، تتصلب ذواتنا، ويمكن لنا إن مررنا بما يشبهها أن نتقن التعامل معها، ومن أفضل منا في التعاطي مع الأزمات واقتراح حلول وبدائل لا نهائية، علها تفضي بنا إلى دروب حياتية مختلفة.
من خلال تلك البدائل والمقترحات الحياتية نرتهن لزمن مختلف، كأننا في رهان وقتي تتصعد فيه الأزمات ليس ابتلاء شخصياً، فهو زمن الأزمات الجمعية الكبرى، حيث تتلون البلاد بكل ما يشبه تلك العواصف الحمراء الآيلة للزوال بعد انقطاع الأنفاس، وبعدها ليس كما قبلها.
وحين نتعاطى معها مرة أخرى، سنكون قد جهزنا الكمامات ويفضل أن تكون بمختلف الألوان، لكل هبة رملية لونها المختلف.
الأيام الصارمة بمعاناتها، بحزنها، باختلال جولاتها…كلها ثنايا زمنية تفضي بنا إلى دروب، في المناسبات ندرك شدة مرارتها أو حلاوتها تبعاً لحالتنا الذاتية، التي تتلون بها حسب الظرف، بحيث تتماهى الأوقات حتى تدرك أنك غير مهم إطلاقاً سوى إن تمكنت يوماً من إيقاد الوقت الصعب لتفك قيد ارتهانه الزمني.

السابق
التالي