بعد هول الأحداث وتسارعها والاختلاف بتعاطيها وطرحها فيما بيننا، على اختلاف مشاربنا ومستوى ثقافاتنا، يتم الترويج لمصطلحاتٍ تعبّر عما يجول في خواطر كاتبيها على صفحات التواصل الاجتماعيّ، ليست خواطر وحسب، بل تراشق مصطلحات تعبّر- وإن صح القول- عن أمراضٍ نفسيّة واجتماعيّة واعتلالاتٍ كانت مرادفة لمصطلحات متداولة كمفردات على مرّ التاريخ وخاصة في الحروب الباردة. وعلى سبيل الذكر وليس الحصر المصطلح الأكثر تفشياً اليوم وخاصة عند بعض أصحاب الفكر وحملة القلم ومدعي الثقافة الذين كانوا أبطالاً للتسويق المبتذل والمنحط هو “الدُوغمائية” وما معناه التعصّب الشديد للرأي، أي أنا دوماً على حق وغيري دوماً على باطل. انتشر المصطلح كالنار في الهشيم في الفترة الأخيرة، وما أثارني للعودة إلى المصطلحات التي يتبادلها زوّار العالم الافتراضي الذي يؤثر بنا جميعاً من دون استثناء مصطلح -الشمشونيّة- أي تعميم الشّر “عليَّ وعلى أعدائي”، وهنا تكثر في مرحلة التغيير ووصف الأحداث وتحريف الأخبار وعرضها، ولا يهم النتائج التي قد يتوصّل إليّها مسوقوها في جرح المشاعر وكسر الخواطر وتعنيف الآخر وإقصائه. ومن منّا لا يعرف مصطلح “النرجسيّة” وهو حب النفس، الأنانيّة، الغرور، والتعالي وخاصة عند أصحاب الأنا المتورّمة التي تسعى لحجز مكاناً لها في سلطة أو منصب وهنا يمارس مصطلح “ميكافيلية” الغاية تبرر الوسيلة، أي وسيلة وإن كانت تحت غطاء أو عمامة فنعرّج على مصطلح “ثيوقراطيّة” والتي تعني حكم رجال الدين والذي تخاف منه الدول المتقدّمة بحسب صورتها الذهنيّة عنه عبر العصور. بينما الأيديولوجيا أي الاعتناقيّة، العقيدة، الفكرة التي نتشبث بها كتشبثنا في أمور لا نساوم عليها كقضية الأرض والوجود، ومن منّا ينسى مدرسة فلسفيّة عقليّة وهي الرواقيّة، وتعني الحكمة التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى في عملية البناء والتنمية البشريّة لمستقبل سوريا الجديدة، وأسأل هنا لماذا لا نعمّم مصطلح “الالترويزم” أي حب مساعدة الآخرين في قضاء حاجاتهم، في وقت نعيش اليوم “ديماغوجيّة” وهي حيل يستخدمها السياسيّون المخضرمون لإِغراء شّعوب العالم سعياً لتحقيق مآربهم في السّيادة والاستيطان.
إذاً هم يرشّون عبر منصاتهم الرسميّة والخاصة” قنبذ” المصطلحات، ونحن نلتقط منها ما لذّ وطاب من دون استحياء ومن دون أن ندرك أنها سمّ في العسل، بل سهام نتراشقها، فإما أن تقتلنا أو تقتلنا!!.