يحزُّ في النفس المشهد المسائي لشوارع وحدائق دمشق، بعد أن يمضي الجميع إلى منازلهم، فيما تبقى المدينة تعيش وجعها وقد امتلأت حاويات القمامة عن آخرها، وتبعثرت مختلف أنواع الأكياس وعلب المشروبات الغازية في كل حدب وزاوية، لتغفو العاصمة المثقلة بإهمال ساكنيها على مشهد لا يليق بسمعتها العريقة.
رغم الجهود المبذولة من عمال النظافة إلا أنها تذهب أدراج الرياح مع انعدام شبه كامل لما يسمى ثقافة النظافة.. المسألة زادت عن حدها، ولا يكفي أبداً أن تصفق يد مديرية النظافة لوحدها في ظل ارتفاع غير مسبوق لسكان العاصمة، وإن لم تتكاتف الجهود الحكومية والأهلية معاً لإعادة نشر ثقافة النظافة فلن تجدي كل الجهود نفعاً، حتى لو تضاعف عدد عمال النظافة أضعافاً.
الأجدى البدء بنشر هذه الثقافة المجتمعية من الصفوف الأولى للدراسة وتخصيص ساعة درسية مقترنة بسلوك فعلي بمشاركة الجميع بالقيام بحملات تنظيف مروراً بحملات وندوات إعلامية مكثفة في وسائل الإعلام، إضافة لإدخالها في الخطب والمنابر الدينية مع فرض غرامات كبيرة على المؤسسات والمنشآت التي لا تلتزم بالنظافة العامة، وتشكيل دوريات خاصة بملاحقة الأفراد الذين يخالفون قواعد النظافة، وفرض غرامة مالية لكل من يتم ضبطه لنصل إلى نفي مقولة “خارج سور بيتنا ليس لنا”، ونتعامل مع تلك الأماكن وكأنها ملك خاص لنا.