وصفة للواقع الاقتصادي الراهن.. “المركزي”: جذب رؤوس الأموال الخارجية .. وتوظيفها بشراكات تجارية حقيقية
مازن جلال خيربك:
أظهرت بيانات مصرف سورية المركزي أن الواقع الاقتصادي الحالي في البلاد يقتضي التركيز على جذب رؤوس الأموال الخارجية سواء السورية منها أو الاجنبية وإعداد الأرضية اللازمة لتوظيف هذه الأموال من خلال شراكات تجارية حقيقية.
الأثر الإنمائي
في هذا السياق أشار المركزي إلى صدور قانون الاستثمار الجديد بما يضمنه من خلق بيئة استثمارية تنافسية وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الواعدة لتحقيق عوائد واسعة، وبما يسهم في تعظيم الأثر الإنمائي للاستثمار الأجنبي، معتبراً أن السياسات الهيكلية تلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تهيئة الظروف المواتية لجذب الاستثمار، حيث يمكن للإصلاحات المؤسسية أن تُصلح مجموعة من العوائق وأوجه القصور، مثل ارتفاع تكاليف بدء الأعمال التجارية وضعف حقوق الملكية وعدم كفاءة سياسات سوق العمل وضعف حوكمة الشركات والقطاعات المالية الضحلة.
حل للمتغيرات السلبية
وبحسب المركزي فإن هذه الوصفة الاقتصادية تبرز كحل نتيجة المتغيرات الكبيرة التي عصفت بالاقتصاد وأدت إلى اختلاف عوامل بنيوية فيه، ما انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي لجهة دورة رأس المال ومعدلات الإنتاج، لا سيما وأن الحرب والحصار الاقتصادي وتعقّد الظروف المحيطة أدى إلى تغيّر عنصر الأمان وبالتالي خروج جزء من رؤوس الأموال إلى الخارج، ناهيك عن تعرض جزء آخر لخسائر فادحة، الأمر الذي سبّب شللاً شبه كامل في قطاعات الإنتاج كافة، فكان أن ألقت بظلال سلبية على كافة مؤشرات الاقتصاد.
عقابيل كوفيد 19
المركزي في تقرير له أشار إلى تقارير عالمية حول “تباطؤ الاستثمار العالمي لجهة التحديات والسياسات” والتي تحدثت عن ضعف نمو الاستثمار، والذي يعد مصدر قلق لأنه يثبّط النمو المحتمل ويرتبط بضعف التجارة ويجعل تحقيق الأهداف الإنمائية أكثر صعوبة، حيث من المتوقع أن يظل نمو الاستثمار في اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية أقل من متوسط معدله خلال العقدين الماضيين خلال المدى المتوسط، مع الإشارة إلى أن هذه التوقعات الضعيفة تأتي في أعقاب تباطؤ نمو الاستثمار واسع النطاق جغرافياً على مدى عقد من الزمان قبل وباء كورونا.
تباطؤ التعافي الاستثماري
الدراسات التي غطت المدة الواقعة بين عامي 2000 و2021، أكدت (وفقاً لتقرير المركزي) أن تعافي الاستثمار في أعقاب وباء كوفيد 19 يسير بصورة أبطأ مقارنة بالسنوات التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، مع الإشارة إلى أن التعافي البطيء يعكس جزئياً التأثير الواسع للوباء في الاستثمار، حيث تقلص الاستثمار في ثلاثة أرباع بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية أثناء الوباء، مع توقعات بأن تؤدي آثار الوباء والحرب في أوكرانيا إلى تمديد التباطؤ المطول وواسع النطاق في نمو الاستثمار في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
نمو الناتج
ووفقاً للدراسة فإن نمو الاستثمار في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية على مدى العقدين الماضيين ارتبط بصورة إيجابية بنمو الناتج، وبدرجة أقل نمو الائتمان الحقيقي ونسب تدفق رأس المال إلى الناتج المحلي الإجمالي، معتبرة أن تحسينات شروط التجارة بالنسبة لبلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية المصدّرة للطاقة وطفرات إصلاح مناخ الاستثمار، ترتبط بتعزيز نمو الاستثمار الحقيقي، وفي المقابل لذلك وفي الاقتصادات المتقدمة، فإن الارتباط الأكثر أهمية لنمو الاستثمار هو نمو الناتج والعوامل الأخرى تتفاوت بشكل أقل مع نمو الاستثمار مقارنة ببلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية.
استقرار الاقتصاد الكلّي
بالنتيجة خلصت الدراسة إلى أن التحسين المستمر في نمو الاستثمار في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية يتطلب وصفات مناسبة تعتمد على ظروف البلد (أي بلد تنطبق عليه الحالة)، في حين يمكن لسياسة الاقتصاد الكلي أن تدعم الاستثمار في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية بطرق عدة، بما في ذلك الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وحتى مع وجود حيز مالي محدود، يمكن زيادة الإنفاق على الاستثمار العام من خلال إعادة تخصص النفقات وتحرير الموارد عن طريق الابتعاد عن الدعم المشوه وتحسين فعالية الاستثمار العام، وتعزيز تحصيل الإيرادات وإشراك القطاع الخاص في التمويل المشترك للبنية التحتية والاستثمارات الأخرى كالمشاريع.