ليس سهلاً على المرء أن يرثي قامة أدبية وفكرية وثقافية بحجم حيدر حيدر الذي غادر الحياة منذ أيام تاركاً وراءه إرثاً مهماً من النتاج الروائيّ والقصصي العربي.. فحيدر حيدر ليس أديباً عادياً، أو عابراً بل هو مجموعة أدباء في رجل واحد.
منذ سنوات بعيدة كتب وأبحر في عالم الأدب، فكان العلامة الفارقة، والروائي والقاص الذي يبوح بكل ماهو جميل ومؤثر ومثير ولافت للانتباه.
كتب عن أبناء قريته وأهله ومنطقته، كتب عن أبناء العروبة المقاومين لكل أصناف الإذلال، وعن القضية الفلسطينية، ومظاهر الخيانة في الحرب الأهلية اللبنانية، والأهم كتب للإنسان ولامس مشاعره وتفاصيله فكان الوفي لمبادئه في الحياة، والقريب من الناس، محبوب منهم كثيراً، فهو المسكون بالهم الوطني والقضايا الاجتماعية وهموم الفقراء.
في مسيرته الأدبية واجه ابن (حصين البحر ) في محافظة طرطوس تجارب وحكايا ومغامرات جعلته حديث الشارع والناس، وهذا ربما أحد أسرار هذا المبدع الذي امتلك موسوعة لغوية وأدبية منوعة جعلته يتميز عن بقية الأدباء.
اليوم نكتب عن حيدر حيدر بعد رحيله ومن الطبيعي أن تكثر المواد والكتابات الغارقة في المشاعر والعواطف والتفاصيل وكم كنا نتمنى أن نفعل ذلك قبل أن يرحل عن دنيانا، وهو الذي عاش على امتداد ساحة الوطن رحلات عمل وعطاء ومتابعة ونال العديد من الجوائز.. ليكون حيدر حيدر أحد الروائين الذين أدهش القرّاء بأعمالهم وتجددهم وحيويتهم ومرونتهم ومتابعتهم لحيوية الفكر.
حيدر حيدر إلى جنان الخلد وعزاؤنا أن أعمالك باقية بيننا، غيابك سحابة سوداء تضاف إلى حياتنا، لكنك شعلة النور التي لن تنطفئ.