هل سمعتم تصريحات وزيري خارجية كل من بريطانيا وأميركا حول عودة سورية للجامعة العربية؟ يبدو أن المقاعد الدبلوماسية هبطت بالرجلين من وقع المشهد، فسمع صراخ كل منهما على هيئة نكتة سياسية تفسر الحال الذي وصلت اليه واشنطن ولندن في ظل هذا التحول السياسي الكبير على مستوى المنطقة والعالم وتراجع الهيمنة الأميركية أمام نظام عالمي متعدد الأقطاب، تشكله المشاهد من سورية والمنطقة حتى فضائح الهزائم الغربية في أوكرانيا..
فوزير خارجية بريطانيا رفع شعار لن تنسى بريطانيا ما حدث في سورية وهي فعلاً لن تنسى.. ليس لأنها الحريصة على الشعب السوري، بل لأن الصفعة التي تلقتها بالنجاح العسكري في مواجهة الإرهاب والدبلوماسي والسياسي لسورية في المنطقة العربية وعلى الصعيد الدولي كفيلة بأن لا تنساها بريطانيا.. رغم تعمدها ضعف الذاكرة والنسيان بأنها الاستعمار الذي جثم على صدر المنطقة وصاحبة مشروع تقسيمها المتمثل بـ( سايكس بيكو) وهي من أعطى الصهاينة الوعد المشؤوم للاحتلال الصهيوني (وعد بلفور) والتي لم تكن حينها حريصة على قتل وتشريد الفلسطينيين وسلب حقوق وأرض شعب بأكمله وهي لا تريد تذكير العرب في المشهد الحالي وهي تطل بتصريحاتها المضحكة أنها الشريكة الأشرس في العدوان الثلاثي على مصر وأنها صاحبة (الجالية) الأكبر من الإرهابيين الذين تسللوا إلى سورية في الحرب عليها، بل يبدو أن بريطانيا تحاول أن تتناسى أن من رحمها السياسي الفاسد خرجت فكرة الإسلام السياسي وتفخيخه للمشهد العربي وخاصة في سورية ومصر وكيف وضعت الأحزمة الناسفة والمتفجرات في عقول الإخوان المسلمين وحول خصورهم التي رقصت في حفلات التخطيط داخل غرف الاستخبارات البريطانية لتنفيذ مشاريع الذبح والاغتيالات والترهيب والتكفير.. كل ذلك وبريطانيا لن تنسى ولا عجب، لأن الفاسدين الجدد من دبلوماسييها هم ورثة فسادها السياسي القديم الذي ذبح المنطقة بالتقسيم ثم هرولوا مع واشنطن لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وانتهى بهم المطاف إلى الندب فوق خرائطهم الممزقة بهمة السوريين.
التصريحات الأميركية والبريطانية هي تعبير عن ألم تقليم مخالبهم الاستعمارية وقلع أنيابهم الإرهابية وفشل المشروع الإخواني في المنطقة الذي خطط له تحت غطاء الربيع العربي.. وفي صمت الخيبات لم يجد وزير خارجية أميركا وهو يتلقى الأخبار عن دعوة سورية للقمة العربية المقبلة في السعودية سوى أن يقول إنها لا تستحق .. والغريب أنه يتحدث عن الحق والحقوق بينما جيشه المحتل يسرق النفط السوري بعد أن سرق قبله النفط العراقي وقتل واحتل الشعوب بسيف (مكافحة الإرهاب) الذي وضعه في غمد تنظيم القاعدة وداعش وغيرهما من تنظيمات الإرهاب التي دخل الاحتلال الأميركي تحت ظلال سيوف ذبحها للشعوب في أفغانستان والعراق وسورية، وقد نراها في السودان أيضاً.. كل ذلك وفصاحة أميركا في محاضرات الديمقراطية والحقوق مستمرة .. ألم نقل إنها نكتة سياسية لكنها ثقيلة في الواقع.
