الثورة – رفاه الدروبي :
ينهمك في مشغله الصغير المعتم، هو آخر حرفيي الطباعة الحموية على القماش بقوالب الخشب لتزيين شرشف طاولة برسوم سورية قديمة بوساطة قوالب الخشب، وبشغف كبير يعاين موضع الرسوم ومدى انتظامها بشكل متناظر دقيق يغذي البصر بلوحة فنية جميلة، إنَّه «حسان حوا» واحد من أشقاء سبعة تعلموا المهنة من والدهم لكنه الوحيد من احترفها.
حسان حوا يؤكد أنَّ لديه عملاً آخر يعيش منه لكنه يمارس المهنة لشدة ولعه بها لكن للأسف بعد تراجع السياحة خفَّ الطلب على المفارش المطبوعة، وكاد يتوقف منذ عام 2020 إلى أن جاءت مبادرة «ولفي» للطباعة الحموية على القماش كي ترد الروح له ولحرفته, مشيراً إلى أن المبادرة تمَّت بجهود فردية للاستفادة من الطباعة الحموية بقوالب الخشب على القماش وتقديم منتجات وملابس معاصرة قطنية خفيفة وصديقة للإنسان والبيئة، في مقترح جمالي يرتكز على التراث المحلي، وجاء تعبير «ولفي» من تآلف المواد الطبيعية عبر الماء بحيث يشكل حلقة التآلف بين الخشب واللون والقماش.
أشار إلى اعتماد الطباعة التقليدية الحموية على مواد وخامات طبيعية بالكامل، فالقماش من القطن الخام لتتشرب الألوان المحضرة من مواد نباتية كقشر الرمان والجوز والسماق وخشب الورد وغيرها، وأربعة ألوان فقط غير قابلة للمزج أولها الأسود والأحمر فالأخضر والأزرق، يعتبر تحضير الألوان أهمُّ أسرار الحرفة وتورث حصراً للثقات من أبناء الحرفيين، وتليها مهارة حفر القوالب الخشبية يدوياً بالسكين، وعادة تكون الرسوم وحدات زخرفية نباتية وحيوانية من الموروث المحلي, وأدخلت مبادرة «ولفي» مجموعة جديدة من الرسوم كنوع من التجديد حيث يتم تحضيرها وحفرها لتنسجم مع روح الرسوم التقليدية ولتلائم المنتجات الجديدة من ألبسة وأكياس تسوق وشالات.
ويشير إلى أن حرفة الطباعة الحموية عانت كغيرها من الحرف التقليدية بسبب الأزمة، ومن أصل ثلاثة مشاغل للطباعة بقي مشغل وحيد في حماة، وبالمقارنة مع مطلع القرن الماضي كان هناك عشرون طبّاعاً. يحاول حسان حوا تعليم أبنائه الحرفة ويؤكِّد أنَّهم أتقنوها لكنَّه يتمنى أن يورثهم الشغف بها كي لا تموت.