الثورة – ترجمة رشا غانم:
من المتوقع أن يعزز حوار شانغريلا العشرين- الذي سيعقد في فندق شانغريلا في سنغافورة من 2 إلى 4 حزيران الجاري – السلام والتنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وخارجها، مع الأخذ في الاعتبار أنه سيجمع وزراء الدفاع في العديد من البلدان لمناقشة القضايا الأمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وإيجاد طرق للحفاظ على السلام.
وترسل الصين مرة أخرى وفداً رفيع المستوى، برئاسة عضو مجلس الدولة ووزير الدفاع الوطني لي شانغفو، لحضور الحوار، وإلى جانب حضور الحوار، يقوم لي أيضاً بزيارة إلى سنغافورة من 31 أيار إلى 4 حزيران.
ووسط الحالة الدولية سريعة التغير والمنافسة المتزايدة بين البلدان الكبرى، أصبح السلام والتنمية أهم المنافع العامة العالمية، وعلى هذا النحو، يتعين على البلدان الرئيسة أن تتحمل مسؤوليات عالمية بعقل متفتح وأن تدعم السلام والتنمية اللذين تحققا بشق الأنفس، وأحد العوامل الرئيسة وراء الإنجازات الإنمائية الرائعة التي حققتها آسيا في العقود الأربعة الماضية هو أن غالبية البلدان الآسيوية، بما فيها القوى الكبرى في المنطقة، ملتزمة بصون السلام وتعزيز التنمية والتفاعل بطريقة آسيوية، ما يؤكد أن الخلافات والصراعات تدار وتحل بالوسائل السلمية، ولهذه الأسباب أصبحت آسيا المنطقة الأسرع نمواً من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي ظهرت منذ ما يقرب من 70 عاماً، أصبحت الآن جزءاً من الحكمة الجماعية لشعوب آسيا، حيث تدافع بلدان مثل سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا بقوة عن القيم الآسيوية ومسار التنمية المستقل.
يُذكر أنّه في حوار شانغريلا التاسع عشر في 2022، كرر أعضاء رابطة أمم جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا التزامهم باتباع سياسة خارجية مستقلة ومتوازنة وحل المشاكل الآسيوية بطريقة آسيوية، إن الاحترام والمنفعة المتبادلة، والمساواة، وتوافق الآراء من خلال التشاور، ومراعاة جميع الأطراف المعنية هي من بين المبادئ الهامة لـ “الطريقة الآسيوية” لإحلال السلام.
وعلى النقيض، شاركت الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي في سلسلة من الصراعات والكوارث الإنسانية في الشرق الأوسط وأوروبا على مدى السنوات 40 الماضية، وتحاول الولايات المتحدة أيضاً تمديد الناتو إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حتى تتمكن من التدخل في الشؤون الأمنية لدول المنطقة ودفع إستراتيجيتها التطويقية ضد الصين إلى الأمام، وغني عن القول بأن نمط الولايات المتحدة سيثير صراعات في آسيا، ويزعزع استقرار المنطقة ويعرض تنميتها للخطر.
كانت الولايات المتحدة تحرض على إثارة الصراعات بين الدول للحفاظ على هيمنتها العالمية، واسترشاداً بإستراتيجية “أمريكا أولاً”، كانت أيضاً تحاول كبح تنمية البلدان الأخرى، كما أنها تجبر الدول الأخرى على الانضمام إلى ما تسميه التحالف الديمقراطي من خلال استخدام التعريفات وغيرها من الوسائل لإنشاء دوائر جيوسياسية حصرية، ما يؤدي إلى تفاقم الانقسامات والمواجهات بين الدول من أجل تحقيق أهدافها الضيقة.
ففي أوروبا، استخدمت الولايات المتحدة أزمة أوكرانيا لحشد حلفائها وفرض عقوبات على روسيا، على الرغم من أن الدول الأوروبية تعاني أيضاً من عواقب العقوبات، وفي الشرق الأوسط، أجبرت الولايات المتحدة حلفاءها الأوروبيين على اتباع سياستها الخارجية وفرض عقوبات على إيران، الأمر الذي أضر بشدة بمصالح الدول الأوروبية، ونتيجة لذلك، وجدت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا طرقاً مختلفة لتجاوز العقوبات الأمريكية وإنشاء قنوات تجارية بغير الدولار مع إيران.
في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قامت الولايات المتحدة بإنشاء الرباعية مع اليابان وأستراليا والهند وتحالف “أوكوس” الأمني مع أستراليا والمملكة المتحدة، ويستثني الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لواشنطن ثلاث من 10 الدول الأعضاء في الآسيان، في محاولة لخلق انقسامات داخل الآسيان، ولذلك فمن الواضح أن تصرفات الولايات المتحدة تؤدي إلى تفاقم المواجهات وزيادة خطر اندلاع حرب باردة جديدة، والتي يمكن أن تحطم السلام العالمي وتضر بالتنمية العالمية.
ومن ناحية أخرى، يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لاقتراح الرئيس شي جين بينغ للمساعدة في بناء مجتمع بمستقبل مشترك للبشرية، وعلى مدى العقد الماضي، كررت الصين هذا المفهوم، كما اقترحت الصين أيضاً مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وهي مبادرات تكميلية.
إن الحضارة الصينية علمانية، وجوهر الحضارة العلمانية هو الانفتاح والشمولية، وهو بالضبط ما يحتاجه العالم اليوم للحفاظ على السلام وتعزيز التنمية، والواقع أن الصين، وبوصفها بلداً رئيساً مسؤولاً، قد حققت إنجازات هامة في تعزيز تعددية الأطراف الشاملة، وما فتئت الصين تؤيد فكرة الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، إنها تدعم الدور المركزي لرابطة أمم جنوب شرق آسيا في التعاون الإقليمي، ولا تنحاز إلى أي جانب بشأن أي قضية، وتدعو إلى أن تستخدم الدول الوسائل السلمية لحل نزاعاتها وخلافاتها.
كما أن الصين عززت تطوير مبادرة الحزام والطريق، التي وسعت نطاق التعاون الاقتصادي الثنائي والإقليمي لتحقيق المنفعة المتبادلة، وبينما ساعد نمو مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون في تحسين الحوكمة العالمية والإقليمية، فقد ضخت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيوية جديدة في التنمية الاقتصادية للمنطقة، وعلى الرغم من محاولات الولايات المتحدة المتكررة لتشويه سمعة الصين، تشير الزيارات والمناقشات الأخيرة حول التعاون بين القادة الصينيين وقادة العديد من البلدان الأخرى إلى أن الصين أصبحت قوة حاسمة لحماية السلام والتنمية.
المصدر – تشاينا ديلي