كم كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخراً، فهو وإن كان قد أكد بأن ضم الضفة الغربية، والإخلال بالوضع الراهن للمواقع المقدسة، ومواصلة هدم منازل الفلسطينيين، يدمر فرص حل الدولتين، إلا أنه وفي الوقت ذاته شدد على أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية ستستمر قوية، وستصمد، الأمر الذي يدلل على أن أميركا وحسب كلام وزير خارجيتها ماضية في سياسة النفاق، والتأرجح على حبال المصطلحات، وتناقضاتها.
كلنا يعي تماماً بأن (اسرائيل) ماهي إلا كيان احتلال، يمارس كل صنوف الإرهاب، والإجرام الممنهج، وبأنها كانت ولا تزال تشنع بالفلسطينيين العزل، وتصادر ممتلكاتهم، وتنهب أراضيهم، وتهجرهم من ديارهم، وهي غير آبهة لا بمواثيق دولية، ولا بشرائع، أو قوانين أممية، وبالتالي فإن وزير الخارجية الأميركي لم يأت بجديد، عندما أكد أن اسرائيل تدمر فرص حل الدولتين، ولعل الأجدر به أن يستنبط سبل الخلاص، ويضع النقاط على الحروف، ويعمل على إقناع ربيبه الصهيوني بآلية تحقن الدم الفلسطيني، وتحقق الأمان والسلام للفلسطينيين جميعاً، وتعيد الحقوق لأصحابها.
الثابت لنا أن أميركا لم تكن يوماً بوارد إيجاد حل، أو تسوية للقضية الفلسطينية، بل لطالما كانت، ولاتزال، وفي كل المحافل، وعلى كل الجبهات الميدانية، والسياسية، والعسكرية، والدبلوماسية، والتجسسية، والإعلامية، تدعم (إسرائيل) إرهابية كانت، أم أكثر دموية، وليس فقط في الملف الفلسطيني، وإنما أيضاً ستدعم ربيبها الصهيوني في كل سيناريوهاته الإستعمارية، التي تستهدف كل شعوب المنطقة.
إذن العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وكما قال وزير الخارجية الأميركي ستستمر، وستصمد، وما كل هذا التباكي بين الفينة والأخرى إلا نوع من أنواع استغباء الآخر، بشعارات إنسانية، وأخرى حول الديمقراطية الوهمية، والمدينة الفاضلة والتي لا وجود لها أصلاً في الأجندات والقواميس الأميركية وكذلك نستطيع بأن نمضي أبعد من ذلك ونقول بأنه لم يعد لها أي مبرر على الإطلاق، لا سيما بعد أن بات الوجه الأميركي المليء ببثور الظلام، والفوضوية، والاستثمار بالحروب، والأزمات، ودماء الشعوب ذات النزعة السيادية، قد بات واضحاً كلياً، وعلى الملأ، وكل محاولات الإدارة الأميركية للتخفي، والتلطي بمساحيق العبارات الطنانة، والرنانة، لم تعد تغني أو تسمن من جوع.