من أجمل ما قاله بدوي الجبل: يا شاكياً زور وعدي أحلى من الوصل وعدي، وهذا يقابله المأثور الشعبي ( الموعود مو محروم) أو ننتظر الوعد، ولكن ترى هل هذا صحيح في حالات الوعود كلها ؟
الوعد ميثاق يجب أن ينفذ لاسيما إذا كان يطلق من مؤسسة أو جهة ما لها كيانها ووجودها، فكيف إذا كانت حكومية كلّفها الوطن أمانة إدارة أحواله المادية والاجتماعية والاقتصادية في أحلك الظروف، وهذا التكليف يستند على أساس أن اعضاءها جديرون بما كلفوا به، بل وهم الأقدر والأميز، ما يوجب عليهم مسؤوليات ليست سهلة، ولا نظن أن دربهم وردي في هذه الظروف، وفي أحسن الأحوال، سيكون مفيداً ومهماً، بل ممتازاً أن يحافظوا على الحال الذي ورثوه في هذه المؤسسات، وإذا لم يحسّنوه عليهم أن يوقفوا تدهوره.
وفي قصص الوعود التي تروى أن صاحب مزرعة كان يقوم بجولة في ليلة باردة على حراسها، رأى حارساً يرتجف برداً، لأن ثيابه خفيفة، فوعده الملك أنه سوف يرسل إليه ثياباً إضافية، يبدو أن مشاغله الكثيرة جعلته ينسى ما وعد به، أما الحارس فقد ظلّ طول الليل يحلم بما سوف يأتيه، لكنه يزداد برداً.. قبيل موته قال: ليتك لم تعدني فكنت أتدبر أمري، وأتعايش مع ما بي، لكن الحلم الذي عشته بناءً على الوعد كسرني.
فالوعد أياً كان مطلقه يجب أن يتحقق، وإذا لم يكن بالإمكان فعل ذلك على الأقل ألا يتكرر إطلاقه مرات ومرات، ومن باب الوعود التي لا نعرف فعلاً أنها وعود أم ماذا تتصدر نشرات الأخبار والمواقع الجملة التالية (وقد ناقشنا واقع الأسعار، وضرورة اتخاذ الإجراءات السريعة لضبطها، وأكد المجتمعون على أنهم يعملون بوتيرة عالية لزيادة.. وتحسين).
التقطنا الفكرة مرات ومرات، وسمعنا الوعود عشرات المرات، لكن لم نر على أرض الواقع إلا مسارعة التجار إلى رفع أسعارهم والحجة حاضرة جاهزة (فيه تحسين واقع معيشي) ترتفع الأسعار، وتعمر أرصدة من لا يعرف الشبع، أما من أطلق الوعد فيعود ليكرره، ونحن نردد ( يسمعني حين يراقصني كلمات ليست.. وحين أعود إلى طاولتي لاشيء سوى كلمات ..) وليتها تبقى كلمات بل استنزاف لنا.. الوعد ميثاق فكيف إذا كان من..