(حين يوجد الحاضر ويزدهر، ينسحب الماضي)..
كل اللغز، إذاً ينحصر في اللحظة الحالية.. أن نعرف كيف نحياها..
هذا على المستوى الفردي الذي غالباً ما يتأثر باللحظة/بالزمن بتردّداته الجمعية.
أن نحيا خارج الزمن المنسحب إلى بقعة جغرافية محدّدة..
هل نستطيع ذلك..؟
وهل يتحرر الزمان من سلطة المكان.. بمعنى هل الزمن الذي نحياه (هنا) هو ذاته الذي يحياه آخرٌ في مكانٍ آخر (هناك)..؟
غالباً تجليات الوقت ومفرزاته ليست هي ذاتها.
بالنسبة لنا أبناء هذه الأرض لم نتحرر من جودة الماضي القريب..
القريب يعني قبل عقدٍ أو أكثر بقليل.
وكأن ذلك يؤدي، بشكل تلقائي، إلى استنتاج: لا جودة للحظة الحالية، وفظاعة الزمن الراهن..
دوران الزمن أو توالي المتغيرات ينعكس على صعيد فردي وجمعي.
بالنسبة لها.. وعلى صعيد زمنها/وقتها الماضي، تؤمن أنه ليس سوى تراكم للحظات فارقة.. سواء أكانت إيجابية أم سلبية.. جيدة أم سيئة.. سعيدة أم حزينة..
بضعُ هذه اللحظات هو ما يشكّل ذاكرتها وبالتالي ماضيها، باختصار هي عمرها الذي (كان) وليس الذي (مضى).
تقتنع أنه كان من (كينونة).. وليس من المضي..
وحالياً يتحدثون عن وجود فرق ما بين عمر بيولوجي وعمر زمني.. لكن ألا يوجد عمر عاطفي أو عمر خاص بمخزوننا المعنوي..؟
ماذا عن أعمارنا العقلية أو الذهنية..؟
الملاحظة الكبرى: أن ضعف جودة الحاضر قياساً إلى الماضي القريب.. ضاعف من أعمار سكان وأبناء هذا المكان.
هكذا كان للمكان تأثيره على أعمارنا/زماننا..
وقطعاً فيما لو أُجري فحص العمر البيولوجي لمعظم القاطنين (هنا)، ستكون نتائج صادمة بارتفاع معدلها قياساً للعمر الفعلي زمنياً.
علينا أن نقتنع أن عمرنا البيولوجي يتطابق وعدد لحظات الفرح والأمل التي عشناها..
أن نختزنها في وعينا ولاوعينا.. ونقوم بمضاعفة تأثيرها في كلّ مرّة يقلّ إشعاعها ضمن تفاصيل يومياتنا.
تختزل ماضيها/عمرها في تلك اللحظات..
لحظاتٌ كان لها ارتدادات وانعكاسات على لحظاتها الحالية..
لحظات.. علّمت.. أي وُجدت في الزمن.. فكانت من كينونة وليس من الانعدام في الماضي.. أو من النقصان في الحضور.