الثورة _ اللاذقية – تحقيق نعمان برهوم:
سبق أن نشرنا في صحيفة الثورة بتاريخ 1/7/2007 تحقيقاً صحفياً عن أزمة مياه الشرب في محافظة اللاذقية، حينها لم يكن هناك أي مشكلة في الكهرباء وكانت الأزمة بسبب عدم القدرة على ضخ المياه المتوافرة في المحافظة إلى المواطنين في أحياء وقرى اللاذقية،حينها أكدنا أن مسألة المياه تعتبر الهاجس الأخطر في الحياة، ويظن عموم الناس أن الساحل يعيش نعمة توفر المياه وأنه لا مشكلة في ذلك.. والحقيقة أن المياه متوافرة والأمطار غزيرة والينابيع كثيرة والمشاريع متعددة والسدود حفظت نعمة السماء ذخيرة للجميع.
السؤال والجواب معاً
لكن كان السؤال: هل ينعم سكان اللاذقية بهذا المخزون ؟؟. وكان الجواب وقتها أن نسبة السكان المخدمين بمياه الشرب النقية ارتفعت لتصبح 87% من إجمالي قاطني المحافظة، وكذلك ارتفع نصيب الفرد ليصبح 250 لتراً يومياً في مدينتي اللاذقية وجبلة و125 لتراً في اليوم في المناطق الأخرى، حيث اتضح حينها أن تلك الأرقام كانت على الورق فقط !!.
فاقمت المشكلة
يؤكد المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية المهندس محمد ميهوب أن المشكلة موجودة لأسباب عديدة أهمها قدم محطات الضخ، والحاجة إلى صيانتها أو استبدالها، وأيضاً بسبب قدم الشبكات التي تحتاج هي أيضاً إلى استبدال.
ويضيف أن الوارد المائي متوافر غير أن إيصاله إلى المواطنين بالقدر الكافي غير متاح، وهذا الواقع موضوعي أمام الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل المؤسسة، نتيجة تلك الأسباب والعقوبات والحصار وقلة الموارد المالية، حيث تبذل جهود كبيرة من قبل المؤسسة لمعالجة واقع المياه، ومحاولة تدوير الزوايا لإيصال مياه الشرب إلى كل مناطق وقرى المحافظة، بالتعاون والتنسيق مع شركة كهرباء اللاذقية لتأمين التغذية الكهربائية إلى محطات الضخ، وأيضاً وضع برنامج مشترك لتأمين التغذية الكهربائية للأحياء أثناء فترات ضخ المياه.
محاولات
وأكد أهمية دعم المنظمات الدولية لعمل المؤسسة في استبدال بعض الشبكات المهترئة، وأيضاً رفدها بالمضخات والمولدات الكهربائية،غير أن كل هذا لم ينعكس بالقدر الكافي على بعض أحياء المدن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأرياف.
وأشار إلى التعاون مع مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في اللاذقية لوضع بعض الآبار التابعة لها بتصرف المؤسسة لتأمين المياه إلى بعض القرى المجاورة لتلك الآبار حيث قال: نحن الآن نقوم بإعداد اتفاق مع مديرية الزراعة لزيادة الوارد المائي لتجمع قرى القرندح عين الحياة العوينة شنبرتي بالاستفادة من بئري الزراعة في السنيبله وعين الحياة علماً أن الطقس الغائم قد قلل الوارد من بئر المؤسسة،وذلك لأن بئر المؤسسة يعمل على الطاقة الشمسية.
وتحدث ميهوب عن أنه سيتم رفد الشبكة بموارد مائية جديدة من محطة تصفية سد ١٦ تشرين بما يضمن قوة الضخ ووصول المياه إلى الطوابق العليا في الأبنية السكنية دون الحاجة إلى مضخات خاصه للسكان.
بالمقابل لفت إلى أن المؤسسة استطاعت إنجاز الكثير على صعيد توفير المياه في هذه الظروف.
الحلول غائبة
نحن بدورنا ومن خلال الكم الكبير من شكاوى المواطنين في اللاذقية وجبلة والقرداحة وأريافها، والتي تشترك بقاسم واحد هو أزمة خانقة في مياه الشرب مع كل صيف، ونخشى من استمرارها وتفاقمها كون الجهات المعنية تطلق الوعود، وتبقى الحلول غائبة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر تتكرر شكاوى أهالي قرى «حلة عارا – المنيزلة – حلبكو – الكروم – حرف المسيترة وقرى نينة – نيننتي غلميسي -البودي -جرماتي والعرقوب والتجمعات القريبة منها، قرى ريف القرداحة» حيث يعانون من نقص حاد بالمياه بشكل عام لم يعد يطاق حتى في فصل الشتاء، وأن المؤسسة تضخ مياه السن إليها ساعة واحدة كل ٥٠ يوماً مرة فقط!!. وأن ساعة ضخ في ٥٠ يوماً لا تكفي لتعبئة خزان المياه الذي هو بحاجة إلى تعبئة كل يوم في الصيف ما يضطرهم إلى شراء المياه بالصهاريج وذلك بأسعار عالية جداً تفوق قدرتهم، لكن ليس أمامهم من خيار.
صهريج المياه بـ 100 ألف ليرة
ويؤكدون أن سعر نقلة الماء يتراوح بين 50 – 100 ألف ليرة في بعض القرى، وأن نقلة الماء لا تكفي أكثر من أسبوع واحد.
معاناة المواطنين من هذا الواقع دفعت بعدد من الأسر إلى هجرة قراهم، والبعض الآخر لم يعد قادراً على البقاء دون أهم مصدر للحياة ماء الشرب.
أخيراً
نؤكد أن أزمة مياه الشرب في اللاذقية غير مستجدة، لكنها اليوم إلى تفاقم غير مسبوق، ولعل الحلول في هذه الظروف غير متاحة بما يضمن حلها، لذلك فإن البحث الجدي عن مصادر مياه عن طريق الاستشعار عن بعد في أعالي الجبال وفتح الآبار هو الحل الأنسب، ولاسيما أن هناك العديد من الآبار الخاصة في قرى جبلية تم حفرها، للاستخدام المنزلي والزراعي، فهل تبادر الجهات المعنية في التحرك الجدي بهذا الاتجاه، هناك مصادر بديلة سبق أن تم لفت نظر المؤسسة منذ سنوات إليها لكن دون جدوى، ومثال على ذلك شلالات وادي القلع بريف جبلة وضرورة بناء سدة مائية عليها ومعالجة المياه التي تنتج عنها، واستخدامها في القرى التي تقع على ارتفاع أقل منها دون الحاجة إلى مضخات، والأمثلة كثيرة من ينابيع ومصادر مياه بحاجة للكشف والاستثمار بعيداً عن مشاكل الضخ وغيرها.