بوشكين قيثارة الشعر الروسي

الملحق الثقافي- مها محفوض محمد:
تمر هذه الأيام ذكرى رحيل قيثارة الشعر الروسي بوشكين فهو شاعر وكاتب مسرحي، وروائي في الحقبة الرومانسية، يُعتبر من قبل الكثير الشاعر الروسي الأعظم ومؤسس الأدب الروسي الحديث.
وُلد بوشكين لعائلةٍ روسية نبيلة في موسكو. ينتمي والده سيرغي لفوفيتش بوشكين إلى عائلات بوشكين النبيلة. كان مسقط رأس جده الأكبر من نسب والدته الفريق الأول (الجنرال) أبرام بيتروفيتش جانيبال في أفريقيا. نشر أول قصيدة له في سن الخامسة عشرة، وعُرف بشكل واسع من قبل المؤسسات الأدبية في وقت تخرجه من فناء تسارسكوي سيلو (قاعة ألكسندرالإمبراطورية). ألقى بوشكين خلال تخرجه من المدرسة الثانوية قصيدته المثيرة للجدل «أغنية الحرية»، التي تُعد واحدة من عدة قصائد أدت لنفيه من قبل الإمبراطور ألكسندر الأول. كتب بوشكين مسرحيته الدرامية الأكثر شهرةً «بوريس غودونوف» في ظل المراقبة المشددة من قبل شرطة الإمبراطور السياسية وعدم القدرة على النشر. كانت روايته الشعرية «يفغني أونيغين» تُنشر بشكل متسلسل خلال عام 1825 حتى عام 1832.
جُرح بوشكين بشكل مميت في مبارزة مع نسيبه «جورج تشارلز دي هيكران دانثيس» الذي يُعرف أيضًا باسم دانتي جيكيرن، وهو ضابط فرنسي يخدم في فوج الحرس الخيالة، الحياة الباكرة
وحسب الدراسات النقدية
يصنف النقاد أعماله على أنها أعمال فنية مميزة، مثل قصيدة «الفارس البرونزي» والمسرحية الدرامية «الضيف الحجري»، قصة سقوط دون خوان. كانت مسرحيته الشعرية القصيرة «موزارت وساليري» (مثل «الضيف الحجري»، إحدى المجموعات الأربع «التراجيديات الصغيرة» التي جُسدت من قبل بوشكين نفسه في رسالة إلى بيوتر بلتينوف في عام 1830) بمنزلة إلهام لمسرحية بيتر شافير «أماديوس» وأوبرا ريمسكي كورساكوف «موزارت وساليري». عُرف بوشكين أيضًا بقصصه القصيرة. وبشكل خاص مجموعة «حكايات الراحل إيفان بتروفش بيلكين»، بما فيها «الطلقة» التي لاقت رواجًا جيدًا. فضل بوشيكن بنفسه روايته الشعرية «يفغني أونيغين»، التي كتبها خلال مسيرة حياته والتي أصبحت تقليدًا خاصًا بالروايات الروسية العظيمة، إذ تتبع بضع شخصيات محورية لكنها تختلف بشكل واسع في النبرة والتركيز.كانت رواية أونيغين معقدة لدرجة جعلت المترجم فلايديمر نابوكوف يحتاج لمجلدين كاملين من المحتوى من أجل تقديم معناها بشكل كامل باللغة الإنجليزية، على الرغم من أنها كانت عبارة عن مئة صفحة تقريبًا فقط. وبسبب تلك الصعوبة في الترجمة بقي شعر بوشيكن غير معروف بشكل كبير بالنسبة لقراء اللغة الإنجليزية. وعلى الرغم من ذلك، ألهم بوشكين عددًا كبيراً من الكتاب الغربيين مثل هنري جيمس. كتب بوشكين «ملكة البستوني» التي أدرجت في «بلاك ووتر»، وهي مجموعة من القصص القصيرة حول طبيعة أغلبية الكتّاب الرائعة، والتي جمعها ألبرتو مانغيل.
كانت أعمال بوشكين بمنزلة الأرض الخصبة بالنسبة للملحنين الروسيين. إذ كانت أوبرا غلينكا «رسلان ولودميلا» أولى أعمال الأوبرا المهمة التي استُلهمت من أعمال بوشكين، وتركت أثرًا في التقاليد الموسيقية الروسية. أصبحت أعمال تشايكوفسكي الأوبرالية «يفغني أونيغن» و«ملكة البستوني» لربما أكثر شهرةً خارج روسيا من أعمال بوشكين التي حملت الاسم ذاته.
تصنف أوبرا موسورسكي التذكارية «بوريس غودونوف» كأحد أروع أعمال الأوبرا الروسية وأكثرها أصالة. ومن الأعمال الأوبرالية التي اعتمدت على أعمال بوشكين أوبرا دارغوميسكي «رسالكا» وأوبرا «الضيف الحجري»؛ وأوبرا ريمسكي كورساكوف «موزارت وساليري»، وأوبرا «قصة القيصر سلطان»، وأوبرا «الديك الصغير الذهبي»؛ وأوبرا كوي «سجين القوقاز» وأوبرا «وليمة في زمن الطاعون» وأوبرا «ابنة القبطان»؛ وأوبر تشايكوفسكي «مازيبا»؛ وأوبرا رخمانينوف ذات العرض الواحد «أليكو» (اعتمادًا على «الغجريات») وأوبرا «الفارس البخيل»؛ وأوبرا سترافينسكي «مارفا»، وأوبرا نابرافنيك «دبروفسكي».
إضافة لاعتماد رقصات الباليه والكنتاتا، والأغاني التي لا تحصى، على قصائد بوشكين الشعرية (بما فيها قصائده باللغة الفرنسية، في سلسلة أغاني إيزابيل أبولكير «ترويكا»). وأيضًا اعتمدت أوبرا كل من سوبّ، وليونكافالو، ومالبييرو على أعماله.
بوشكين الذي تناول الأنواع الأدبية كافة من الرواية والشعر الغنائي الملحمي كان مؤرخاً وناقداً أيضاً، لم يكن فقط أكبر أدباء روسيا إنما كان أيضاً رمز العبقرية الوطنية الروسية.
ينتمي بوشكين المولود في موسكو عام 1799 إلى أسرة عريقة من النبلاء الروس، أتقن اللغة الفرنسية في طفولته قبل أن يبلغ سن العاشرة، وكان يلقي الشعر والأناشيد الوطنية ذات الإيقاع الموسيقي ويتناول القصص الروائية الشعبية وما إن بلغ الثمانية عشرة حتى أصبح أحد أقطاب الحياة الفنية في العاصمة موسكو ومجتمع المثقفين، حيث كتب عن تلك الشرائح في «المصباح الأخضر» وفي روايته الشهيرة «يفغيني أونيغين».
كان شديد الذكاء يتمتع بالدعابة والنقد اللاذع، ففي سن العشرين ذاع صيته في أنحاء البلاد حين كتب قصيدته الوطنية «روسلان وليودميلا» ذات الطابع الغنائي والمضمون السياسي التي هاجم فيها الإقطاع عام 1820 ونفي بعدها إلى القوقاز غير أن المنفى فتح أمامه آفاقاً جديدة، ففي القوقاز وجد مصدر إلهام له، حيث اكتشف الطبيعة الوحشية والقمم الثلجية وشواطئ القرم وخلال تلك الفترة تعمق في قراءة «بايرون» وتأثر به كثيراً فصدر له يومئذ مجموعات من القصائد مثل: «سجين القوقاز» و«بحيرة باختشي ساراي» و«الاخوة اللصوص» وهي أعمال شعرية غنائية.
في عام 1820 كتب قصيدته الهجائية «غابريليادي» التي يشبه فيها أسلوب فولتير حيث تحمس يومئذ للسياسة وتبنى قضية استقلال اليونان.
في صيف 1823 ذهب إلى أوديسا حيث المجتمع أكثر ثقافة وهناك درس غوتيه وشكسبير وكتب «الغجر» وفي تلك المرحلة عشق زوجة تاجر كبير من أوديسا تدعى ايميلي ثم الكونتيسة فورونتسوفا التي حاول زوجها التخلص منه بنفي الشاعر الغاوي إلى مقاطعة باسكوف.
كانت قراءاته خلال تلك المرحلة ومراسلاته مصدر وحي لشعره كما طلب من أحد أصدقائه أن يرسل له كتباً من بطرسبرغ وفي تلك الفترة صادق كاهن القرية الذي دفعه لزيارة الأديرة وبدأ يختلط بالشعب بلباس الفلاحين ويصغي لهم.
أول أعماله الدرامية له كان «بوريس غودونوف» وفيه يبدو تأثره بشكسبير، وبعد محاولته الهرب بعد خمس سنوات من المنفى عاد الى موسكو واستقبله الإمبراطور ليقيم بوشكين صداقة متبادلة مع الحاكم الجديد وهذا ما دفعه إلى القول قبل موته بأيام: إنه مرتبط قلباً وقالباً بالامبراطور الذي قدم له المساعدات وخلصه من مشكلات كثيرة خاصة الرقابة.
استقبل المجتمع الموسكوفي بوشكين بحرارة وكان ظهوره في المسرح لافتاً، بعدها عاد مجدداً إلى الجنوب ليكتب روايته التاريخية «بطرس الأكبر» وليقيم في الأرياف بعض الوقت ثم ذهب إلى بطرسبورغ وكتب خلال أيام قصيدته الشهيرة «بولتافا «وهي تمجيد للقيصر (بطرس الأكبر) وخلال ذلك سعى للزواج وانخرط في الجيش في القوقاز لمحاربة الأتراك العثمانيين وكتب أشعاراً جميلة على غرار «رحلة إلى أرزيروم» وخلال ذلك كان يحظى برعاية الإمبراطور الذي قدم المساعدة المادية للشاعر الوطني فكتب بوشكين قصيدة ملحمية تقارب 400 بيت من الشعر وأربع مسرحيات تراجيدية وقصص «بلكين».
تزوج عام 1831 من ابنة صديقه غونت شاروف بمباركة الإمبراطور وأقام في بطرسبرغ وحصل على موافقة لكتابة تاريخ بطرس الأكبر حيث سمح له بالاطلاع على أرشيف الإمبراطور وتناول لأول مرة القصة الشعبية: «قصة القيصر سالتان» وهي من أبرز روائعه، كتب أيضاً قصة «الصياد والسمكة الصغيرة»، «الأميرة والأقزام السبعة»، «ابنة الكابتن»، «الفارس البرونزي».
ترك بوشكين أثراً كبيراً على معاصريه وخاصة الشعراء حيث ارتبط عصره باسمه وكان مدرسة سار على خطاها الكتاب الروس.
كان إسباني الهوى في «ضيف من حجر» وإنكليزياً في «مأدبة في زمن الطاعون» وأوروبياً في باقي أعماله وفرنسياً على غرار ميريميه، ففي «ضيف من حجر» مزيج من فاوست ودونجوان، ولأن شعره بقي غير معروف خارج روسيا فلم يقدر أعماله إلا الأدباء الذين ترجموا أعماله الى اللغات الأوروبية ويبقى بوشكين رغم قصر عمره الأدبي (توفي عام 1837) كما قال: سيظل قومي يذكرونني لأني هززت بقيثارة المشاعر الخيرة، وناديت بالرحمة على المقهورين.
         

العدد 1149 –  27-6-2023  

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى