هي ماري أنطوانيت تظهر في قصر الإليزيه وتجلس في مكتب الرئيس الفرنسي ماكرون لتطل على باريس من نافذة القرن الثامن عشر حيث لم يختلف المشهد في فرنسا فالحرائق الاقتصادية والسياسية والعنصرية وهيجان الشارع لم تحرك في ذاكرة الرئيس ماكرون سوى حلول ماري أنطوانيت التي لجأت للسخرية من الشعب الجائع إلى الخبز بأن يأكل البسكويت في حين وجدت شرطة ماكرون بالرصاص والقتل والعنصرية (دعامة أساسية) لقيم (المساواة وعدم التمييز)التي تلوّح بها السياسة الخارجية الفرنسية من فوق برج إيفل بينما آثار دماء الأبرياء من المهجرين والمهاجرين والعرب وآخرهم الشاب الجزائري نائل تملأ الشوارع من تحته..
مع صعود اليمين المتطرف الفرنسي وظهور الطفح العنصري على جلد وبشرة الأجهزة الأمنية والشرطة الفرنسية وحتى السياسة الداخلية الفرنسية وفشل إدارة ماكرون الاقتصادي وقفزها فوق المشكلات دون حل جذري لها ووضع الحلول التعسفية انفجر المشهد من تحت رماد التراكمات واشتعلت الحرائق من رصاصة اخترقت جسد شاب عربي بحجة تطبيق القانون الفرنسي الذي أصدع رؤوسنا بالحريات وحقوق الإنسان ونشرها في العالم فدمّر بلداناً وأراق دماء ملأت الشرق الأوسط بالشراكة مع واشنطن والغرب كله تحت شعار الحرية والديمقراطية وإذا به يطبق أبشع صور العنصرية والقتل والتعذيب بحق الذين أقنعهم الغرب بأن فرنسا وأوروبا كلها بلاد الحريات وإذ بها بلدان تتستر تحت رداء النبلاء لتخفي تشوه جسدها العنصري والاستعماري.
ليس غريباً علينا نحن السوريين المشهد في باريس وتناقضه مع عنتريات الحرية في صياح الديك الفرنسي فنحن الذين خبرنا احتلالهم واستعمارهم ٢٥سنة ونحن الذين لمسنا معنى حريتهم ومايقصدونه بحقوق الإنسان يوم دعموا الإرهاب من داعش والنصرة في محاولة للقبض على استقلال بلادنا وسيادة قرارها واستعمارها مجدداً وعندما فشلوا استمروا في لعبة المماطلة ورفض الحلول في سورية والضغط للمقاطعة وغرزت الخشبة في عينهم وهم يشهدون عودة السجادة الدبلوماسية بين دمشق والبلدان العربية.. فهم لايريدون السلام والاستقرار في سورية ولأجل ذلك أعلنوا مؤخراً في مؤتمر المانحين شراء استمرار الحرب في سورية بتسعة مليارات يورو تحت بند دعم المهجرين ويبدو أنها ستصرف على هيئة الرصاص والقتل والعنصرية.
لانستغرب المشهد في فرنسا ونعرف تماماً أين توجه باريس رصاصها.. هو في ظهر الحرية ويعتقل الديمقراطية ويجرح سلام الشعوب.. فهذه هي حقيقة ديكها الذي ينفش ريش الحرية ويصيح بالعنصرية فكيف لبلد يشترك في تجويع وقتل الشعوب واحتلالها أن يؤمن بالحرية والديمقراطية؟ وكيف لسياسة تقتل بيد الإرهاب أن تكون نظيفةً داخل أسوارها؟ حكماً ستظهر بصماتها على أجساد المهجرين فهي إن غزت بلدانهم وشربت من دماء شعوبهم لن تربت بحنان عليهم حتى ولو كانوا داخل أراضيها.. هي فقط تستغل أيديهم العاملة وتبتز بلدانهم بورقة اللجوء.. لكن العنصرية والكراهية ذاتها لا تتغير و لاتغسلها خطابات فصاحة الديك الفرنسي عن المساواة والحريات فهل يحق لماكرون بعد أن يتحدث عن تغيير الأنظمة والسياسات وهو يضع على رأسه ريشة العنصرية في اللباس التقليدي لطبقة نبلاء البطش والدم في القرون الوسطى.